كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الضبع يصيبه المحرم كبشًا، وجعله من الصيد. رواه أبو داود وابن ماجه (¬١).
وأما إجماع الصحابة: فإنه روي عن عمر وعثمان وعلي وزيد بن ثابت وابن عمر وابن عباس وابن الزبير أنهم قضوا في النعامة ببدنة، وفي حمار الوحش وبقرة الإيَّل والثَّيْتَل (¬٢) والوعل ببقرة، وفي الضبع بكَبْش، وفي الغزال بعَنْزٍ، وفي اليربوع بجَفْرة (¬٣). وإنما حكموا بذلك لمماثلته في الخلقة لا على جهة القيمة، لوجوه:
أحدها: أن ذلك مبيَّن في قصصهم، كما سيأتي بعضه إن شاء الله.
الثاني: أن كل واحدة من هذه القضايا تعددت في أمكنة وأزمنة مختلفة، فلو كان المحكوم به قيمةً (¬٤) لاختلفت باختلاف الأوقات والبقاع، فلما قضوا به على وجه واحد عُلِم أنهم لم يعتبروا القيمة.
الثالث: أنه معلوم أن البدنة أكثر قيمةً من النعامة، والبقرة أكثر قيمةً من حمار الوحش، والكبش أكثر قيمةً [من الضبع] (¬٥)، كما شهد به عرف الناس.
الرابع: أنهم قضوا في اليربوع جَفْرة (¬٦).
---------------
(¬١) أبو داود (٣٨٠١) وابن ماجه (٣٠٨٥). وأخرجه أيضًا وصححه ابن خزيمة (٢٦٤٦) وابن حبان (٣٩٦٤) والحاكم (١/ ٤٥٣).
(¬٢) في المطبوع: «التبتل» خطأ. وسيأتي شرح هذه الكلمات.
(¬٣) انظر لتخريج أكثر هذه الآثار: «البدر المنير» (٦/ ٣٩٣ - ٣٩٦). وسيأتي بعضها.
(¬٤) في المطبوع: «قيمته» خلاف ما في النسختين.
(¬٥) زيادة ليستقيم السياق.
(¬٦) هذا قضاء عمر وابن مسعود - رضي الله عنهما -. وسيأتي تخريج أثريهما.

الصفحة 13