كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: 5)

شدًّا: الظبي أم الفرس؟ فسنحَ لنا ظبي، فرماه رجل منّا فما أخطأ خُشَّاءَه (¬١)، فركبَ رَدْعَه (¬٢)، فأُسقِط في يدي الرجل، فانطلقت أنا وهو إلى عمر بن الخطاب، فجلسنا بين يديه، فقصّ عليه صاحبي القصةَ، فقال: أخَطَأً أصبتَه أم عمدًا؟ قال: تعمَّدتُ رمْيَه وما أردتُ قتله، فقال: لقد شرَّكتَ الخطأ والعمد، قال: ثم اجتنح (¬٣) إلى رجل يليه كأنَّ على وجهه قُلْبًا (¬٤)، فسارَّه ثم أقبل على صاحبي، فقال: عليك شاة، تصدَّق بلحمها وتُبقي (¬٥) إهابها سقاءً، فلما قمنا قلت لصاحبي: إن فُتيا ابن الخطاب لا تُغني عنك من الله شيئًا، انحَرْ ناقتك وعظِّمْ شعائر الله. فذهب ذو العينين فنما ذلك إلى عمر بن الخطاب، فأقبل على صاحبي صُفوقًا بالدِّرَّة (¬٦)، وقال: قاتلك [الله]، تقتلُ الحرام وتَعدَّى الفتيا! ثم أقبل عليَّ فأخذ بمجامع ثوبي، فقلت له: إنه لا يحلُّ لك مني شيء حرّمه (¬٧) الله عليك، فقال: ويحك إني أراك شابًّا فصيح اللسان فسيح الصدر، أوَما تقرأ في كتاب الله: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}؟ ثم قال: قد يكون في الرجل عشرة أخلاق، تسعة منهن حسنة وواحدة سيئة، فتُفسِد
---------------
(¬١) تحرّف في المطبوع إلى «حنتاه»، وزعم المحقق أنه كذلك في النسختين! والخشّاء: العظم الناتئ خلف الأذن.
(¬٢) في المطبوع: «ردغه» مصحفًا. وفي «الصحاح» (ردع): يقال للقتيل: ركبَ رَدْعَه، إذا خرَّ لوجهه على دمه.
(¬٣) أي مال.
(¬٤) فسَّره في رواية البيهقي (٥/ ١٨١) بقوله: «يعني فضة».
(¬٥) عند البيهقي: «وأسق». ولعلها تحريف «وأبقِ».
(¬٦) أي ضربًا بالدرة.
(¬٧) في المطبوع: «حرم».

الصفحة 22