كتاب شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - ط عطاءات العلم (اسم الجزء: المقدمة)

فقد ذكر جدَّه مجدَ الدين أبا البركات ابن تيمية في عدة مواضع، ونقل عنه أقواله واختياراته. قال في موضع (٢/ ٥٣١): «اختار جدّي - رحمه الله -: إن تضرّر بنزول أو لم يكن له من يُنزِله، فإنه يصلّي على الدابة. وإن لم يتضرَّر فهو كالصحيح». وفي موضع آخر (٢/ ٦٠٨) ذكره بكنيته فقال: «وقال جدي أبو البركات: ما فعل مع الشك كما فعل بغير نية فلا يعتدّ به، ويكون زيادةً في الصلاة ... ». وفي موضع ثالث (٤/ ٢٧): «وهذه طريقة القاضي أخيرًا وابن عقيل وجدي وغيرهم». ونقل عنه في مواضع أخرى في (٣/ ٢٢، ١٥٧).
أما تاريخ تأليفه ففي الكتاب قرائن تدلُّ على أن شيخ الإسلام ألَّفه في أواخر العشرينيات أو أوائل الثلاثينيات من عمره، وعلى ذلك شواهد التمسناها من داخل الكتاب، فمنها أنه ذكر فيه «منسكًا» برواية المرُّوذي عن الإمام أحمد يحتوي على أدعية كثيرة في مقامات مختلفة من المشاعر، وكان الشيخ قد كتب منسكًا قديمًا ذَكَر فيه مثل هذه الأدعية، فقد قال في «منسكه» الجديد ضمن «مجموع الفتاوى» (٢٦/ ٩٨): «كنتُ قد كتبتُ منسكًا في أوائل عمري، فذكرتُ فيه أدعيةً كثيرةً، وقلَّدتُ في الأحكام مَن اتبعتُه قبلي من العلماء. وكتبتُ في هذا (أي المنسك الجديد) ما تبيَّن لي من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مختصرًا مبيَّنًا».
وواضحٌ من هذا الكتاب متابعته ما ذكره علماء المذهب الحنبلي الذين يشير إليهم بقوله: «أصحابنا»، وإيراده للأدعية الكثيرة المرتّبة في كتاب الحج، التي حَذَفَ أكثرها في المنسك الجديد، مما يدلُّ على أنه ألَّف هذا الكتاب أيضًا في زمن متقدم من عمره.
ومما يؤكِّدُ ذلك أنه لم يُشِر فيما وقفنا عليه من الكتاب إلى أيّ كتاب أو

الصفحة 15