كتاب العمدة في إعراب البردة قصيدة البوصيري

ونبات الأرض، وعدد وزن مثاقيل الجبال، وقطر جميع الماء والمطر، وما حوت الأشجار من ورق وعدد الجن والأنس، والأفلاك وعدد الذر والنمل والحبوب، والشعر والصوف والريش والوبر.
وعدد ما أحاط به العلم المحيط، وما جرى به القلم والقدر، وعدد نعم الله على الخلائق مذ كانوا، ومذ حشروا، وعدد ما كان في الأكوان، وما يكون إلى يوم البعث وتكون هذه الصلاة بهذا التحديد.
في كلّ طرفة عين يطرفون بها ... أهل السموات والأرضين أو يذروا
ملء السموات والأرضين مع جبل ... والفرش والعرش والكرسي وما حصروا
ما أعدم الله موجودا وأوجد معدو ... ما صلاة دواما ليس تنحصر
تستغرق العدّ مع جمع الدهور كما ... تحيط بالحد لا تبقي ولا تذر
* وهذا النمط من الصلاة على النبي لم يكن معروفا في صدر الإسلام، وإنما هو تصرف من غلاة الصوفية أمثال صاحب «دلائل الخيرات» «1» .
* ومنام البوصيري كانت له أطياف في ذهن الصوفية، فقد استحبوا أن يقرأ المرء هذا البيت.
مولاي صلّ وسلم دائما أبدا ... على حبيبك خير الخلق كلهم
بعد كل بيت من أبيات البردة.
وذكروا أن الغزنوي كان يقرؤها في كل ليلة ليرى النبي في منامه، فلم تتيسر له الرؤيا، فشكا ذلك إلى شيخ كامل فقال له: لعلك لا تراعي شرائطها؟
فقال: لا، بل أراعيها، فراقبه الشيخ ثم قال له: إنك لا تصلي بالصلاة التي كان يصلي بها الإمام (البوصيري) على النبي صلى الله عليه وسلّم وهي قوله: مولاي صل وسلم.....
قالوا: وحكمة اختياره هذا البيت دون غيره أنه رحمه الله لما أنشأ هذه
__________
(1) المدائح النبوية ص 180.

الصفحة 18