كتاب العمدة في إعراب البردة قصيدة البوصيري

47 لم يمتحنّا بما تعيا العقول به ... حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم «1»
48 أعيا الورى فهم معناه فليس يرى ... في القرب والبعد فيه غير منفحم «2»
49 كالشّمس تظهر للعينين من بعد ... صغيرة وتكلّ الطّرف من أمم «3»
50 وكيف يدرك في الدّنيا حقيقته ... قوم نيام تسلّوا عنه بالحلم
51 فمبلغ العلم فيه أنه بشر ... وأنه خير خلق الله كلّهم «4»
52 وكلّ آي أتى الرّسل الكرام بها ... فإنما اتّصلت من نوره بهم
53 فإنّه شمس فضل هم كواكبها ... يظهرن أنوارها للناس في الظّلم
54 أكرم بخلق نبيّ زانه خلق ... بالحسن مشتمل بالبشر متّسم «5»
55 كالزّهر في ترف والبدر في شرف ... والبحر في كرم والدهر في همم
56 كأنّه وهو فرد من جلالته ... في عسكر حين تلقاه وفي حشم
57 كأنّما اللّؤلؤ المكنون في صدف ... من معدني منطق منه ومبتسم
58- لا طيب يعدل تربا ضمّ أعظمه ... طوبى لمنتشق منه وملتثم «6»
59 أبان مولده عن طيب عنصره ... يا طيب مبتدإ منه ومختتم
60 يوم تفرّس فيه الفرس أنّهم ... قد أنذروا بحلول البؤس والنّقم «7»
61 وبات إيوان كسرى وهو منصدع ... كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
62 والنّار خامدة الأنفاس من أسف ... عليه والنّهر ساهي العين من سدم «8»
__________
(1) لم نهم: لم نضل.
(2) المنفحم: الساكت عجزا في المناظرة.
(3) تكل: تتعب. أمم: قرب.
(4) مبلغ العلم: غايته.
(5) متسم: متصف.
(6) طوبى من الطيب قلبوا الياء واوا لضمة ما قبلها. والمنتشق: من يشمه، والملتثم: من يقبله.
(7) تفرس: تعرف بالظن الصائب.
(8) ساهي: ساكن. والسدم: الحزن.

الصفحة 41