كتاب العمدة في إعراب البردة قصيدة البوصيري

63- وساء ساوة أن غاضت بحيرتها ... وردّ واردها بالغيظ حين ظمي «1»
كأنّ بالنار ما بالماء من بلل ... حزنا وبالماء ما بالنّار من ضرم «2»
65 والجنّ تهتف والأنوار ساطعة ... والحقّ يظهر من معنى ومن كلم
66 عموا وصمّوا فإعلان البشائر لم ... تسمع وبارقة الإنذار لم تشم «3»
67 من بعد ما أخبر الأقوام كاهنهم ... بأنّ دينهم المعوجّ لم يقم
68 وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب ... منقضّة وفق ما في الأرض من صنم «4»
69 حتى غدا عن طريق الوحي منهزم ... من الشياطين يقفو إثر منهزم
70 كأنهم هربا أبطال أبرهة ... أو عسكر بالحصى من راحتيه رمي
71 نبذا به بعد تسبيح ببطنهما ... نبذ المسبّح من أحشاء ملتقم
72 جاءت لدعوته الأشجار ساجدة ... تمشي إليه على ساق بلا قدم
73 كأنّما سطرت سطرا لما كتبت ... فروعها من بديع الخطّ في اللّقم
74 مثل الغمامة أنّى سار سائرة ... تقيه حرّ وطيس للهجير «5» حمي
75 أقسمت بالقمر المنشقّ إنّ له ... من قلبه نسبة مبرورة القسم
76 وما حوى الغار من خير ومن كرم ... وكلّ طرف من الكفّار عنه عمي
77 فالصّدق في الغار والصّدّيق لم ير ما ... وهم يقولون ما بالغار من أرم «6»
78 ظنّوا الحمام وظنّوا العنكبوت على ... خير البريّة لم تنسج ولم تحم
79 وقاية الله أغنت عن مضاعفة ... من الدّروع وعن عال من الأطم «7»
80 ما سامني الدّهر ضيما واستجرت به ... إلّا ونلت جوارا منه لم يضم
__________
(1) ساوة: مدينة في بلاد فارس بين همذان والري.
(2) الضرم: الالتهاب.
(3) تشم: تنظر.
(4) الوفق: الموافق، أي المماثل.
(5) د. بالهجيز.
(6) لم يرما: لم يبرحا. وأرم على وزن كتف: العلم والأثر.
(7) الأطم: الحصون.

الصفحة 42