كتاب العمدة في إعراب البردة قصيدة البوصيري

81 ولا التمست غنى الدّارين من يده ... إلّا استلمت النّدى من خير مستلم
82 لا تنكر الوحي من رؤياه إنّ له ... قلبا إذا نامت العينان لم ينم «1»
83 وذاك حين بلوغ من نبوّته ... فليس ينكر فيه حال محتلم «2»
84 تبارك الله ما وحي بمكتسب ... ولا نبيّ على غيب بمتّهم
85 كم أبرأت وصبا باللّمس راحته ... وأطلقت أربا من ربقة اللّمم «3»
86 وأحيت السّنة الشّهباء دعوته ... حتى حكت غرّة في الأعصر الدّهم «4»
87 بعارض جاد أو خلت البطاح بها ... سيب من اليمّ أو سيل من العرم «5»
88 دعني ووصفي آيات له ظهرت ... ظهور نار القرى ليلا على علم
89 فالدّرّ يزداد حسنا وهو منتظم ... وليس ينقص قدرا غير منتظم
90 فما تطاول آمال المديح إلى ... ما فيه من كرم الأخلاق والشّيم «6»
91 آيات حقّ من الرّحمن محدثة ... قديمة صفة الموصوف بالقدم «7»
92 لم تقترن بزمان وهي تخبرنا ... عن المعاد وعن عاد وعن إرم
93 دامت لدينا ففاقت كلّ معجزة ... من النّبيّين إذ جاءت ولم تدم
94 محكّمات فما تبقين من شبه ... لذي شقاق وما تبغين من حكم
95 ما حوربت قطّ إلّا عاد من حرب ... أعدى الأعادي إليها ملقي السّلم
96 ردّت بلاغتها دعوى معارضها ... ردّ الغيور يد الجاني عن الحرم
97 لها معان كموج البحر في مدد ... وفوق جوهره فس الحسن والقيم
__________
(1) يقول: إن رؤيا النبي في المنام هي وحي من عند الله.
(2) المحتلم: الذي يرى الحلم في النوم، فحلم النبي كما يقول وحي لا ينكر.
(3) الوصب: المريض. والأرب: المحتاج. والريقة أصلها الحبل. واللمم: الجنون.
(4) السنة الشهباء: المجدبة.
(5) أوخلت. أي: إلى أن خلت. والبطاح: جمع أبطح، وهو مسيل الماء. والسيب: الجري. العرم: الوادي.
(6) تطاول إلى كذا: طلب الوصول إليه.
(7) محدثة: إنزالها محدث.

الصفحة 43