كتاب العمدة في إعراب البردة قصيدة البوصيري

98 فما تعدّ ولا تحصى عجائبها ... ولا تسام على الإكثار بالسّأم
99 قرّت بها عين قاريها فقلت له ... لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم
100 إن تتلها خيفة من حرّ نار لظى ... أطفأت نار لظى من وردها الشّبم
101 كأنّها الحوض تبيضّ الوجوه به ... من العصاة وقد جاؤوه كالحمم
102 وكالصّراط وكالميزان معدلة ... فالقسط من غيرها في الناس لم يقم
103 لا تعجبن لحسود راح ينكرها ... تجاهلا وهو عين الحاذق الفهم
104 قد تنكر العين ضوء الشّمس من رمد ... وينكر الفمّ طعم الماء من سقم
105 يا خير من يمّم العافون ساحته ... سعيا وفوق متون الأينق الرّسم «1»
106 ومن هو الاية الكبرى لمعتبر ... ومن هو النّعمة العظمى لمغتنم
107 سريت من حرم ليلا إلى حرم ... كما سرى البدر في داج من الظّلم
108 وبتّ «2» ترقى إلى أن نلت منزلة ... من قاب قوسين لم تدرك ولم ترك
109 وقدّمتك جميع الأنبياء بها ... والرّسل تقديم مخدوم على خدم
110 وأنت تخترق السّبع الطّباق بهم ... في موكب كنت فيه صاحب العلم
111 حتى إذا لم تدع شأوا لمستبق ... من الدّنوّ ولا مرقى لمستنم «3»
112 خفضت كلّ مقام بالإضافة إذ ... نوديت بالرّفع مثل المفرد العلم «4»
113 كيما تفوز بوصل أيّ مستتر ... عن العيون وسرّ أيّ مكتتم
114 فحزت كلّ فخار غير مشترك ... وجزت كلّ مقام غير مزدحم
115 وجلّ مقدار ما ولّيت من رتب ... وعزّ إدراك ما أوليت من نعم
116 بشرى لنا معشر الإسلام إنّ لنا ... من العناية ركنا غير منهدم
117 لمّا دعا الله داعينا لطاعته ... بأكرم الرّسل كنّا أكرم الأمم
__________
(1) العافون: طلاب الرزق. والأينق: النياق. والرسم: التي ترسم الأرض: أي: تعلمها.
(2) د: فظت.
(3) المستنم: طالب الرفعة إلى السنام، وهو أعلى الشيء.
(4) بالإضافة إلى مقامك. والرفع الارتفاع وفيه تورية برفع الإعراب عن النحاة.

الصفحة 44