كتاب العمدة في إعراب البردة قصيدة البوصيري

118 راعت قلوب العدا أنباء بعثته ... كنبأة أجفلت غفلا من الغنم
119 ما زال يلقاهم في كلّ معترك ... حتى حكوا بالقنا لحما على وضم «1»
120 ودّوا الفرار فكادوا يغبطون به ... أشلاء شالت مع العقبان والرّخم
121 تمضي اللّيالي ولا يدرون عدّتها ... ما لم تكن من ليالي الأشهر الحرم
122 كأنّما الدّين ضيف حلّ ساحتهم ... بكلّ قرم إلى لحم العدا قرم «2»
123 يجرّ بحر خميس فوق سابحة ... يرمي بموج من الأبطال ملتطم «3»
124 من كلّ منتدب لله محتسب ... يسطو بمستأصل للكفر مصطلم «4»
125 حتّ غدت ملّة الإسلام وهي بهم ... من بعد غربتها موصولة الرّحم
126 مكفولة أبدا منهم بخير أب ... وخير بعل فلم تيتم ولم تئم «5»
127 هم الجبال فسل عنهم مصادمهم ... ماذا رأى منهم في كلّ مصطدم
128 وسل حنينا وسل بدرا وسل أحدا ... فصول حتف لهم أدهى من الوخم»
129 المصدري البيض حمرا بعد ما وردت ... من العدا كلّ مسودّ من اللّمم «7»
130 والكاتبين بسمر الخطّ ما تركت ... أقلامهم حرف جسم غير منعجم
131 شاكي السّلاح لهم سيمى تميّزهم ... والورد يمتاز بالسّيمى عن السّلم «8»
132 تهدي إليك رياح النّصر نشرهم ... فتحسب الزّهر في الأكمام كلّ كمي
133 كأنّهم في ظهور الخيل نبت ربا ... من شدّة الحزم لا من شدّة الحزم «9»
__________
(1) الوضم: كل خشبة يقطع عليها اللحم.
(2) القرم: السيد. والقرم: بالتحريك شدة الشهوة إلى اللحم.
(3) السابحة: الخيل.
(4) المنتدب: المجيب.
(5) التأيم: فقدان الزوج.
(6) الوخم: الوباء.
(7) اللمم: جمع لمة وهي الشعر إذا جاوز الأذن.
(8) السيمى: العلامة. والسلم: نوع من الشجر.
(9) الحزم: قوة الثبات. والحزم جمع حزام: وهي ما يشد به سرج الفرس ونحوها.

الصفحة 45