كتاب أنس المسجون وراحة المحزون

مقدمه على المنصور، إذ أنشد عيسى (¬1):
لينهك (¬2) ما أفنى القرون التي مضت … وما حلّ في أكناف عاد وجرهم
ومن كان أنأى منك عزّا ورفعة … وأنهد بالجيش اللهام العرمرم (¬3)
قال له أبو (¬4) مسلم: على ما أعطيتني عهدا لله يا أبا موسى؟ فقال: أعتق ما يملك إن كان أرادك بما قال (¬5)، وإنّما هو خاطر جرى على لساني. فقال:
ذكر شرّ يعظهم.
634 - يا أيّها النّاس إنّ الدّهر ذو دول … يحلو قليلا ويأتي بالمرارات
لا تسرفوا إن رزقتم فيه مقدرة … واخشوا تقلّب أيّام وساعات
635 - وقيل: دخل مسلمة بن عبد الملك على عمر بن عبد العزيز في مرضته التي مات فيها، فقال: ألا توصي يا أمير المؤمنين؟ قال: فيما أوصي، فو الله أنّى لي من مال (¬6). قال: فهذه مئة ألف دينار فمر فيها بما
¬_________
8 - فأقام بالكوفة إلى أن توفي سنة 167. الأعلام.
(¬1) البيتان في أشعار أولاد الخلفاء (318)، وقبلهما:
أبا مسلم إن كنت عاصي أمرنا ... وباغينا سوءا فلست بمسلم
(¬2) في أشعار أولاد الخلفاء: سيفنيك، وفي الهفوات وأخبار الحمقى: سيأتيك.
(¬3) اللهام: الجيش الكثير، كأنه يلتهم كلّ شيء. اللسان (لهم) وفي أشعار أولاد الخلفاء: وأنهض بالجيش الهمام العرمرم.
(¬4) في الأصل: أبي.
(¬5) كذا في الأصل، وكأن المعنى: إن كان أرادك لساني بما قال. وعبارة الهفوات بعد الشعر ما نصّه: فقال أبو مسلم: هذا مع الأمان الذي أعطيت؟ فقال عيسى: أعتقت ما أملك إن كان هذا الشيء من أمرك أضمرته، أو في الفكر أجلته، بل خاطر أبداه لساني. فقال له: بئس الخاطر. والله أبدى. ودخل على المنصور فأتاه ما أتى.
635 - الكامل 1/ 310، والتعازي والمراثي 62، وكتاب التعازي 80، والمستجاد 183، 184.
(¬6) في التعازي والمراثي: وهل لي مال أوصي فيه؟

الصفحة 244