كتاب أنس المسجون وراحة المحزون

ومن أحبّ السّلامة فليلزم الحذر.
87 - وقال الحسن البصري لفرقد (¬1): بلغني يا أبا يعقوب أنّك لا تأكل الفالوذج. فقال: يا أبا سعيد، أخاف [أ] لاّ أؤدي شكره. فقال الحسن:
يا لكع، فهل تؤدّي شكر الماء البارد؟!.
88 - وقال يحيى بن أكثم (¬2): كنت عند المأمون يوما وقد أتي برجل ترعد فرائصه، فلمّا مثل بين يديه، قال له: كفرت نعمتي، ولم تشكر معروفي.
فقال: يا أمير المؤمنين، وأين يقع شكري في جنب ما أنعم الله بك (¬3) عليّ.
فنظر المأمون، وأنشد متمثّلا ببيتين-تقدّم (¬4) ذكرهما-:
فلو كان يستغني عن الشّكر ماجد
وأطلق سبيله.
89 - وقيل: لو لم يعذّب الله على معصية، لكان ينبغي ألاّ يعصى في شكر نعمة.
90 - وكان يقال: احذروا ثلاثا (¬5): النّعمة تقول: يا ربّ، كفرت؛
¬_________
(¬1) فرقد بن يعقوب السّبخي العابد، من إرمينيا، سكن البصرة، كان حائكا من عبّاد البصرة وقرّائهم، وكان فيه غفلة ورداءة حفظ مات سنة (131) هـ‍ الأنساب 7/ 28.
87 - طبقات ابن سعد 7/ 176. وفيات الأعيان 2/ 71 وما بين معقوفين منه.
(¬2) يحيى بن أكثم قاضي القضاة، الفقيه العلامة، من أئمة الاجتهاد، صاحب تصانيف عديدة، له دعابات، توفي سنة (242) بالربذة منصرفه من الحج. سير أعلام النبلاء 12/ 5.
(¬3) في الأصل: لك.
(¬4) صفحة (35).
89 - شعب الإيمان 4/ 13 (4548).
90 - شعب الإيمان 4/ 102 (4422).
(¬5) في الأصل: ثلاث.

الصفحة 46