كتاب أصول الدعوة

يقول ويوصى به، فكيف يجوز لمن آمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا ورسولًا أن يعارضه أو يناقشه؟
واجبنا نحو الرسول -صلى الله عليه وسلم:
45- إن واجب المسلم نحو الرسول -صلى الله عليه وسلم- بعد أن أنعم الله عليه بالإيمان به تصديقُه بكلِّ ما يخبر عنه، وطاعته في كل ما يأمر به، والانتهاء عن كل ما ينهى عنه، وقبول ذلك بتسليمٍ تامٍّ ورضًى تامّ، كما بينا في الفقرة السابقة، وذكرنا النصوص القرآنية الدالة على ذلك.
ومن واجباتنا الأخرى نحوه -بأبي هو وأمي- صلى الله عليه وسلم- ما يأتي:
أولًا: محبته أكثر من النفس والولد والأهل والمال والناس أجمعين، قال -صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ إليه من نفسه وولده وماله والناس أجمعين"، ومن البديهي أن صدق المحبة تكونة بخلوص المتابعة له، فهذا هو الذي يحبه ويرضيه، والمسارعة إلى ما يرضيه -صلى الله عليه وسلم- مما أمرنا الله به، وهو من لوازم المحبَّة الصادقة، قال تعالى: {يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كَانُوا مُؤْمِنِينَ} 1.
ثانيًا: توقيره وتبجيله واحترامه حيًّا وميتًا، قال تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} 2؛ لأنَّ الرسول الكريم ليس كواحد من الناس، إنَّه رسول الله، وعلى الناس أن يوقروه ويجلوه ويشرِّفوه حتى في ندائهم له، فعليهم أن يقولوا له: يا رسول الله، يا نبي الله، وهذ بعض معاني هذه الآية.
ومن مظاهر توقيره واحترامه عدم سبقه بالقول أو رفع الصوت عند كلامه، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ
__________
1 سورة التوبة، الآية: 62.
3 سورة النور، الآية: 63.

الصفحة 35