كتاب أصول الدعوة

قال -صلى الله عليه وسلم: "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة".
"العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر".
وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول لبلال: "ارحنا بها -أي: الصلاة- يا بلال"، وروي عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه إذا حزبه أمر صلَّى.
أسرار الصلاة:
56- هذا وإن للصلاة أسرارًا وحِكَمًا ليس هنا محل تفصيلها، ويدركها المسلم إذا أقبل عليها بخشوع وتدبر وفهم ووعي وحضور ذهن؛ لما يتلوه من قرآن، وما يذكره من أذكار، فهو يفتح الصلاة بـ"الله أكب"، فالله أكبر من كل كبير، ومن كل ذي سلطان وقوة وجبروت، وما دام العبد موصولًا بالله الذي هو أكبر من كل شيء، وأعز من كل شيء، فلن يرهب المسلم أحدًا غير الله تعالى ... وهكذا بقية الأذكار تربي في المسلم معاني العبودية لله، وتحرره من عبودية غير الله، وتنزع من قلبه كل معاني الطغيان والتعلق بغير الله.
بقية العبادات:
57- والعبادات الأخرى؛ من صيام وحج وزكاة، كلها تقوي الإيمان، وتزكي النفس، وتصِلُ العبد بربه، وتملأ قلبه بمعاني العبودية لله تعالى، ففي الصيام إيثار لمحابِّ الله على شهوات الجسد، وتعويد للمسلم على معاني الإخلاص والإرادة والصبر، وكل هذه معان جليلة يحتاجها المسلم، والزكاة طهرة للمسلم من داء البخل والشح وعبادة المال، وإيثارٌ لله على محبة المال، والإسهام في تحقيق التعاون المطلوب شرعًا بإعانة ذوي الحاجات، والحج تربية عملية للمسلم، فإنّ من منهج الإسلام في التربية أنَّه لا يكتفي أن يقول للمسلم: كن صالحًا فقط، بل يقول له هذا، ويضع له مناهج عملية يسلكها ليكون صالحًا، ومن هذه المناهج العملية الحج، ففيه إظهار لعبودية المسلم لله بصورة عملية، وبشكل معين واضح يجتثُّ جذور الطغيان وجراثيمه من نفس المسلم، فإنَّ في الإنسان نزوعًا إلى الطغيان، قال تعالى: {كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى} . هذا، وهناك عبادات أخرى غير المذكورة في حديث جبريل، ومنها: العبادات القلبية؛ كالتوكل على الله ومحبته والاستعانة به والطلب منه والشوق إليه والأنس به والثقة به

الصفحة 43