كتاب أصول الدعوة

الفرع الثالث: النظام
أهمية النظام:
717- النظام وسيلة جيدة لا بُدَّ منها لحسن استخدام الجهود وتوجيهها على نحوٍ مثمر في مجال الدعوة إلى الله، وبالتالي زيادة فرص النجاح للداعي في بلوغ هدفه.
وبدون النظام تتبعثر الجهود، ويكون السير على غير هدى، والإسلام هو دين النظام، فالصلاة تؤدَّى بنظام من جهة الوقت ومتابعة المأموم للإمام، وكذا في العبادات الأخرى مثل الحج والصيام والزكاة.
حاجة الداعي إلى النظام:
718- والداعي المسلم يحتاج إلى تنظيم وقته، فإنَّ الوقت هو الحياة، وهو رأس ماله، وعليه أن يجعل شعاره الحديث الشريف: "من استوى يوماه فهو مغبون"، فلا بُدَّ إذن في حساب الداعي أن يكون غده خيرًا من يومه الحاضر، ويومه خيرًا من أمسه، وهذه الخيرية تقوم على مقدار ما يقدِّمه من جهود وجهاد في سبيل الدعوة إلى الله، وما يحققه من هداية في الناس، فإنَّ هداية شخص وتخليصه من النار خيرٌ للداعي من حُمُر النِّعَم. وتنظيم وقت الداعي يقوم على تقسيم يومه إلى أجزاء، وتخصيص كل جزء إلى أداء ما عليه من واجبات، فجزء لنفسه، وجزء لأهله، وجزء لعبادة ربه، وجزء للدعوة إلى الله، وحذار أن ينفق أوقاته فيما لا فائدة فيه، فإنَّ الواجبات أكثر من الأوقات؛ ولأنَّه معرَّض للموت في كل لحظة، فمن الحزم المبادرة إلى استغلال كل دقيقة من وقته في أداء واجب أو مستحب أو مندوب.
حاجة الجماعة إلى النظام:
د719- الدعوة إلى الله تعالى قد تكون جماعية، كما أشرنا إلى هذا من قبل، قال تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} 1، والأمة معناها الجماعة، فإذا ما كانت الدعوة
__________
1 سورة آل عمران، الآية: 104.

الصفحة 463