كتاب أصول الدعوة

{وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى الْقُرْآنَ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ} 1.
{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} 2.
{الم، تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 3.
63- والقرآن الكريم وفيه معاني الإسلام واجب الاتباع دون غيره من الكتب والأديان السماوية السابقة، قال تعالى: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} .
64- وسنة الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- هي الأخرى كالقرآن واجبة الاتباع، وعلى هذا دلَّ القرآن، وذكرنا نصوصه في هذا الباب فيما سبق؛ لأنَّ الرسول -صلى الله عليه وسلم- كما قال تعالى عنه: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} .
ما يترتَّب على كون الإسلام من عند الله:
أولًا: كماله وخلوه من النقائض
65- ويترتَّب على كَوْن الإسلام من عند الله كماله وخلوه من معاني النقض والجهل والهوى والظلم؛ لسبب بسيطٍ واضح، هو أنَّ صفات الصانع تظهر في ما يصنعه، ولمَّا كان الله تعالى له الكمال المطلق في ذاته وصفاته وأفعاله، ويستحيل في حقه خلاف ذلك، فإنَّ أثر هذ الكمال يظهر في ما يشرعه من أحكام ومناهج وقواعد، وبالتالي لا بُدَّ أن يكون كاملًا، وهذا بخلاف ما يصنعه الإنسان ويشرعه، فإنه لا ينفكُّ عن معني النقص والهوى والجهل والجَوْر؛ لأنَّ هذه المعاني لاصقة بالبشر، ويستحيل تجردهم عنها كل التجرُّد، وبالتالي تظهر هذه النقائص في القوانين والشرائع التي يصنعونها.
ويكفينا هنا أن نذكر مثالًا واحدًا للتدليل على ما نقول: جاء الإسلام بمبدأ المساوة بين الناس في الحقوق وأمام القانون، بغَضِّ النظر عن اختلافهم في الجنس أو
__________
1 سورة النحل، الآية: 6.
2 سورة الزمر، الآية: 2.
3 سورة السجدة، الآية: 2.

الصفحة 47