كتاب قرينة السياق ودورها في التقعيد النحوي والتوجيه الإعرابي في كتاب سيبويه

ويمكن أَنْ نفسر اقتصار كتب التراجم على ذكر هؤلاء العلماء كشيوخ لسيبويه بسببين:
- إمَّا لقِلَّة أسفار سيبويه العلميَّة، ومحدوديَّة تنقلاته كما أسلفنا.
- وإمَّا أَنَّ هؤلاء العلماء والأشياخ هم أكثر من لازمهم سيبويه، وأكثر من جلس إليهم، وهذا هو الراجح؛ إذ المادة العلميَّة التي في الكتاب مادة ضخمة ناضجة، تحتاج إلى جهد عدد كبير من العلماء؛ فلا بدَّ من أَنَّه قد جالس غيرهم.
على أَنَّ أعظم شيوخه قاطبةً الخليل بن أحمد الفُرهودي، فيلسوف دولة الإسلام كما قال
ياقوت (¬1). وتُحدِّثُنا كتب التراجم أَنَّ العلاقة توثَّقَت بين الرجلين، وكان سيبويه أحبَّ تلاميذه إليه، يحسن استقباله قائلا: «مرحبًا بزائر لا يُمَلُّ» (¬2)، لا يقولها إلا إليه. وسمح هذا الحبُّ أَنْ يلازم سيبويهُ الخليلَ، وأن «يصنِّف كتابا من ألف ورقة من علم الخليل» (¬3)، وأَنْ يكون «أثبت من حمل عن الخليل بن أحمد» (¬4)، بل أَنْ يكون أبرع تلامذة الخليل في النحو (¬5).
وكان تأثير الخليل على سيبويه وكتابه عظيما، ولقد نقل العلماء جانبا من هذا التأثير فقالوا:
1 ــــ «سيبويه حامل علم الخليل وأوثق الناس في الحكاية عنه» (¬6).
2 ــــ «عامة الحكاية في كتاب سيبويه عن الخليل» (¬7).
3 ــــ «كان سيبويه الفارسي أشهر تلاميذ الخليل، ومصنِّف أول كتاب جمع ما ابتكره الخليل إلى محصول الباحثين السابقين» (¬8).
¬_________
(¬1) معجم الأدباء، 3/ 1261
(¬2) الزبيدي: طبقات النحويين واللغويّين، ص 67
(¬3) السيوطي: بغية الوعاة، 2/ 229
(¬4) الزبيدي: طبقات النحويين واللغويّين، ص 66 ــــ 67، معجم الأدباء، 5/ 2124، إنباه الرواة على أنباه
النُّحَاة: 2/ 349 ـــ 350
(¬5) أبو سعيد السيرافي: أخبار النحويين البصريين، ت: د. محمد إبراهيم البنا، دار الاعتصام، القاهرة، ط 1، ) 1985 م (، ص 64
(¬6) السيوطي: المزهر في علوم اللُّغَة وأنواعها، ت: محمد أبو الفضل إبراهيم وآخرون، دار التراث ـــــ القاهرة، ط 3) بدون تاريخ للطبعة (، 1/ 67
(¬7) السيرافي: أخبار النحويين البصريين، ص 56
(¬8) كارل بروكلمان: تاريخ الأدب العربي، 2/ 134

الصفحة 21