كتاب القوافي الندية في السيرة المحمدية

وَفِي الْعِشَاءِ قَدْ شَكَا آلَامَهُ ... وَإِنَّهَا مِنْ سَكْرَةِ الْمَمَاتِ
وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ لِعُسْرَةٍ (¬١) ... مَا أَجْمَلَ الصَّبْرَ عَلَى الْحَاجَاتِ!
فَاطِمَةُ الزَّهْرَاءُ نَالَتْ رِفْعَةً ... سَيِّدَةُ النِّسَاءِ فِي الْجَنَّاتِ (¬٢)
قَبَّلَ ثِبْطَيْهِ مَعًا تَعَاطُفًا ... حُبُّهُمَا مِنْ أَعْظَمِ النِّعْمَاتِ
أَوَصَى النَّبِيُّ بِالصَّلَاةِ آخِرًا ... وَفَاضَتِ الرُّوحُ إِلَى الْحُسْنَاتِ
قَبَّلَهُ الصِّدِّيقُ بَعْدَ مَوْتِهِ (¬٣) ... وَالْقَلْبُ مَكْلُومٌ مِنَ الْأَ نَّاتِ
مَا جُرِّدَ الْحَبِيبُ مِنْ ثِيَابِهِ ... قَدْ طَابَ فِي الْأَحْيَاءِ وَالْأَمْوَاتِ
صَلَّى عَلَيهِ النَّاسُ فِي تَتَابُعٍ (¬٤) ... كُلٌّ يُنَاجِي سَامِعَ الْأَصْوَاتِ
نَسْأَلُكَ اللَّهُمَّ خَيْرَ رِفْقَةٍ ... يَا بَاعِثَ الْعِظَامِ وَالرُّفَاتِ
وَصَلِّ رَبَّنَا عَلَى مُحَمَّدٍ ... فَقَدْ أَتَى بِالنُّورِ والْآيَات
---------------
(¬١) قبل يَوْمٍ مِنَ الوَفَاةِ أَعْتَقَ النَّبِيُّ (- صلى الله عليه وسلم -) غِلْمَانَهُ وَتَصَدَّقَ بسِتَةِ أو سَبْعَةِ دَنَانِيرَ كَانَتْ عِنْدَهُ وَوَهَبَ لِلْمُسْلِمِينَ أَسْلِحَتَهُ وَكَانَتْ دِرْعُهُ مَرْهُونَةً عِنْدَ يَهُودِيٍّ بِثَلَاثِينَ صَاعًا مِنَ الشَّعِير.
(¬٢) أخْبَرَ النَّبِيُّ (- صلى الله عليه وسلم -) فَاطِمَةَ أنَّهَا أوَّلُ أهْلِهِ يَتْبَعُهُ ثُمَّ بَشَّرَهَا أنَّهَا سَيِّدةُ نِسَاءِ العَالَمِين انظر رحمة للعالمين ١/ ٢٨٢.
(¬٣) عن عَائِشَةُ (رَضِيَ اللهُ عَنْهَا): «كَانَ النَّبِىُّ (- صلى الله عليه وسلم -) يَقُولُ فِى مَرَضِهِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ: (يَا عَائِشَةُ، مَا أَزَالُ أَجِدُ أَلَمَ الطَّعَامِ الَّذِى أَكَلْتُ بِخَيْبَرَ، فَهَذَا أَوَانُ وَجَدْتُ انْقِطَاعَ أَبْهَرِى مِنْ ذَلِكَ السُّمِّ) «رواه البخاري (٤١٦٥).
ثُمَّ أَوْصّى النَّبِىُّ (- صلى الله عليه وسلم -) النَّاسّ فَقَالَ: «الصَّلاةَ الصَّلاةَ ومَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم» وبدأ فِي الاحْتِضَار حتَّى فَاضَتْ رُوحُهُ (- صلى الله عليه وسلم -) ولَحِقَ بِالرَّفِيقِ الأعْلَى.
خَرَجَ أبُو بَكْرٍ وَقَالَ: مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا (- صلى الله عليه وسلم -) فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ اللهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ وَقَرَأَ الآية {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} (سورة آل عمران: ١٤٤).
(¬٤) دَخَلَ النَّاسُ الحُجْرَةَ أَرْسَالاً عشرة فعشرة يُصَلُّونَ عَلَى رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -) أَفْذَاذًا لا يَؤُمُّهُم أَحَدٌ، وصَلَّى عَلَيْهِ أوَلاً أهْلُ عَشِيرَتِهِ ثُمَّ المُهَاجِرُونَ ثُمَّ الأنْصَارُ ثُمَّ النِّسَاءُ ثُمَّ الصِّبْيَانُ. انظر مُوَطَّأ الإمام مالك كتاب الجنائز باب ما جاء فِي دفن الميِّت ١/ ٢٣١، وطبقات ابن سعد ٢/ ٢٨٨ - ٢٩٢.

الصفحة 114