كتاب القوافي الندية في السيرة المحمدية

أصحاب الأخدود
قَدْ أَغْرَقَ التَّارِيخُ فِي أَبْحُرِهِ ... كُلَّ الْجَبَابِرَةِ والْأَشْرَارِ
فَذُو نُوَاسٍ قَدْ طَغَى تَجَبُّرًا (¬١) ... عَلَى النَّصَارَى وَبِلَا إِنْذَارِ
وَشَقَّ مِنْ فُجُورِهِ أُخْدُودًا ... سَعَّرَهُ بِحِمَمٍ مِنْ نَارِ
قِعِي بِلَا خَوْفٍ نَعَمْ أُمَّاهُ ... قَدْ نَطَقَ الرَّضِيعُ بِاقْتِدَارِ (¬٢)
إِنَّ النَّعِيمَ فِي رِحَابِ جَنَّةٍ ... بِرَوْضِهَا مَنَازِلُ الْأَبْرَارِ
أَرْيَاطُ قَدْ غَزَا بِجَيْشٍ قَاهِرٍ (¬٣) ... الْيَمَنَ الْمَصُونَ فِي الْأَخْبَارِ
يَا حَسْرَةً فَقَدْ غَدَا فَرِيسَةً ... أَبْرَهَةُ الْغَدَّارُ فِي انْتِظَارِ
اغْتَالَهُ بَلِ اسْتَبَاحَ مُلْكَهُ ... ثُمَّ بَنَى الْقُلَّيْسَ فِي اغْتِرَارِ
أَلَا وَقَدْ خَابَ وَكُلُّ جُنْدِهِ ... هَمُّوا بِهَدْمِ كَعْبَةِ الْأَنْوَارِ
وَالطَّيْرُ فِي جَوِّ السَّمَاءِ حَلَّقَتْ ... تَرْمِي بِأَحْجَارٍ عَلَى الْكُفَّارِ
قَدْ أُهْلِكُوا فَهُمْ لَنَا مَوْعِظَةٌ ... فَالْمَوْتُ لِلطُّغَاةِ وَالْفُجَّارِ
فَإِنَّ فِي الْكَوْنِ عَظِيمَ سُنَّةٍ ... تِلْكُمْ عِظَاتٌ يَا أُولِي الْأَبْصَار
---------------
(¬١) ذُو نُوَاس (هو يُوسف بن ذِي نُوَاس، هجم على النَّصَارَى مِنْ أهْلِ نَجْرَان ودعاهم إلى اليهوديَّة فلمَّا أَبَوْا خَدَّ لهم الأخاديد وأحرقهم بالنَّار ولم يفرق بين الرِّجال والنِّساء والأطفال الصِّغار والشُّيوخ الكبار، وقع ذلك فِي أكتوبر ٥٢٣ م). (انظر اليمن عبرالتَّاريخ ص ١٥٧ - ١٦١).
(¬٢) في صحيح مسلم من حديث صهيب فِي قصة أصحاب الأخدود جاءت امرأةٌ ومعها صَبِيٌّ لها فتقاعست أنْ تقع فيه، فقال لها الغُلَامُ: (يَا أُمَّهْ اصْبِرِي فَإِنَّكِ عَلَى الْحَقِّ).
(¬٣) غزا أرْيَاطُ اليمنَ بتحريضٍ مِنْ أباطرة الرُّومَانِ وظَلَّ حَاكِمًا حَتَّى قَتَلَهُ أَبْرَهَةُ بن الصَبَّاحِ الأشْرَم أَحَدُ قُوَّادِ جَيْشِهِ وَنَصَّبَ نَفْسَهُ حَاكِمًا.

الصفحة 19