كتاب تحت راية القرآن

المسألمة والملاينة ونوع من المحالفة والمهادنة؛ فليس ببعيد أن يكون هذا
الصلح الذي استقر عليه الرأي بين المغيرين وأصحاب البلاد منشأ هذه القصة
التي تجعل العرب واليهود أبناء أعمام، لا سيما وقد رأى أولئك وهؤلاء أن بين الفريقين شيئاً من التشابه غير قليل، فأولئك وهؤلاء ساميون".
وقد جاء بالصفحة 27 ما يأتي:
"وقد كانت قريش مستعدة كل الاستعداد لقبول مثل هذه الأسطورة في
القرن السابع للمسيح ".
كلمة "الأسطورة" يا حضرات الزملاء لا تقال إلا للخرافات أوالترَّهات.
فالقول بأن هذه القصة التي وردت في كتاب الله العزيز خرافة، يعني أن الله
يخرف ونحن نؤمن بتخريفه "مقاطعة".
أنا والله لا أريد التشنيع، ولكني أريد أن أذكر حقيقة، أريد أن أقول لأقوام
لا يرون رأينا ويدعون أن البحث أمر واجب حر وأنه لا يجوز لنا أن نقيد حرية الناس في آرائهم - أقول لهم إننا لا نقيد حريتهم في عقائدهم، ولكننا نقيد آراء تلقن أولادنا وتشاع على أفراد الأمة ما بين متعلم وغير متعلم، ولا بد أن يكون ذلك داعية الضلال والفسوق، فإذا لم أطِل بينكم الليلة في سرد النصوص الواردة في هذا الكتاب وذكر العبارات الشنيعة التي لا تدل إلا على زندقة، فلأنني لا أريد إدخال الحزن على قلوبكم، ولأني لا أود أن أرى دموعكم تسيل جزعاً على دينكم وشرف دولتكم.
إننا لا نتكلم في هذا إلا بباعث المحافظة على الدين، وليس ذلك بالأمر
الذي يهم المسلم دون غيره، فإن كرامة الأديان على السواء يجب أن تكون
محفوظة.
إنني لا أسمح ولا أقبل أن يطعن أحد في دين المسيح عليه السلام ولا
أقبل أن يطعن في دين موسى عليه السلام، بالنسبة التي لا يرضى بها أحد أن
يطعن على دين محمد عليه السلام، فإن حرمات الأديان يجب أن تكون
موفورة.
إنني لا أخشى أن يقال إننا نتكلم متعصبين تعصباً دينياً، لأنه إذا كان
التعصب الديني هو المحافظة على كرامة الأديان جميعاً فإنني أول المتعصبين.
كنت أودّ بعد أن قرأت لكم كلمات المؤلف أن أقرأ لكم كلمات الله فيما
كذبه المؤلف، ولكني لا أظن أنكم في حاجة إلى ذلك.

الصفحة 298