تجد الأَمانة في نفوسهم مستقراً, فلا يتحرجون أَن يرووا ما لم يسمعوا, أَو يصفوا ما لم يعملوا, وهذا ما كان يدعو جهابذة أَهل العلم إِلى نقد الرجال, وتمييز من يسرف في القول ممن يصوغه على قدر ما يعلم, حتى أَصبح العلماء على بصيرة من قيمة ما يقرؤونه فلا تخفى عليهم منزلته, من القطع بصدقه أَو كذبه, أَو رجحان أَحدهما على الآخر, أَو احتمالهما على السواء) اهـ. وامتداداً لهذا الحبل الموروث, شَهَرَ العلماء – من المفسرين والمحدثين, والفقهاء, والأُدباء, والمؤرخين, وغيرهم قَوْلَةَ الحق في كتبهم الكاشفة عن خلائق أَقوام في السطو, والانتحال, والكذب والتلبيس, والاختلاق: في نقل, أَو مسأَلة, أَو رسالة, أَو كتاب, وهكذا... ومن تتبع الإَنتاج العلمي عَلِم. هكذا كان دأب أٌمناء الشريعة, لكن إِذا دب إِلى الأُمة داء الغفلة, وضعف عامل الولاء والبراء, والحب والبغض في الله, وامتد التراخي عن التحذير من قطاع الطريق: تسورت النخالة حرم العلم الشرعي تخب فيه وتضع. إِلاَّ أَن هذه الأُمة المرحومة يتوالى فضل الله عليها فما يزال المنهج السوي شارعاً في حياتها, تلوح منه سطور التيقظ والتذكير, والتنبيه والتحذير, على أَيدي علمائها الأُمناء, تحذيراً ممن مس العلم بقرحة فأَخل بأَمانة العلم, أَو خاض فيه من لم يتحمله, ولم يلجأ منه إِلى ركن وثيق. وليعلم كل مسرف على نفسه أَن عليه من أَلسنة الخلق حسيباً, ومن أَعينهم رقيباً, ومن أَقلامهم متابعاً. وفي خط الدفاع من العلماء عن حرم العلم الشرعي, والذود عنه ترى وتسمع ردوداً فاضت على أَسلات أَلسنتهم, وأَسنة أَقلامهم, ومن المرقوم في