وفي خصوص هذه المسأَلة يقال: إِذا كان المعيار في الترجيح هو: (جمهرة القائلين) , فبأَي الجمهرتين يأْخذ, وقد أَريناك يا هذا كثرة الناقلين لمذهب الجمهور من أَن الخضر - عليه السلام - نبي وليس ولياً, وأَنه لا تسلم نسبة القول بولايته, إِلى الجمهور, وإِن سلم ذلك فبأَي الجمهرتين تأْخذ؟
نعم لم يبق إِلا التعويل على التقعيد السليم من أَن أَقوال العلماء (يحتج لها بالدليل لا يحتج بها على الدليل) , مجتنبين, الشذوذ, وأَسباب الخلاف الضئيل, المبني على التغالط, وترويج رواسب التقليد, وإِشاعة الشذوذ.
الثالثة: أَنه قرر القول بحياة الخضر - عليه السلام - وعزاه إِلى شيخ الإِسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - وهو هنا: قد تنكب بمرة ما ينقض عليه قوله وهو أَمام عينه وجانب التحقيق عمداً أَو جهلاً, وكلاهما وارد:
إِنه هجر المشهور المعتبر, بتناقل الكافة له, من كلام شيخ الإِسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- من أَن الخضر - عليه السلام - غير حي, وأَنه قد مات كغيره من البشر. وهذا هو ما ذكره في ((الفتاوى)) (27/ 100) قال: (والصواب الذي عليه المحققون أَنه ميت. . .) اهـ. ثم ساق الأَدلة بجلاء, وانظر: ((الفتاوى)) (4/ 337) , وكتاب الزيارة له (ص / 42) , وهو الذي حكاه عنه أَخص الناس به تلميذه ابن القيم كما في ((المنار المنيف)) (ص / 68) . والقول بوفاته وأَنه لم يدرك بعثة النبي - صلى الله عليه وسلم -. هو اختيار المحققين من أَهل العلم منهم: البخاري, وإِبراهيم الحربي, وابن المنادي, والشرف المرسي, وأَبو طاهر العبادي, وأَبو يعلى القاضي, وأَبو الفضل بن ناصر, وابن العربي, وابن النقاش, وابن الجوزي, وابن حجر العسقلاني, وغيرهم.