الشريعة لها ظاهر وباطن, وأَن علماء الباطن ينكرون على علماء الظاهر, ولا عكس, وبه قالوا بحجية الإِلهام, وأَن الولي أَفضل وأَعلم من النبي, والدعوى الواسعة للقاء الخضر والأَخذ عنه, فمنهم من لقي الخضر يصلي على المذهب الحنفي, وآخر رآه يصلي على المذهب الشافعي, وهذا الحصفكي يذكر في مقدمة كتابه ((الدرر المختار)) أَن الخضر أَوْدَعَ أَوراق المذهب الحنفي في نهر جيحون إِلى وقت نزول عيسى - عليه السلام -, ليحكم بها آخر الزمان؟!
ويظهر أَن أَول من فتح باب الفتنة في نسج الخرافات والضلالات حول الخضر -عليه السلام- وولايته هو: الحكيم الترمذي, المتوفى سنة 320هـ في كتابه ((ختم الولاية)) (¬1) . ورحم الله الحافظ ابن حجر إِذ قال في ((الزهر النضر)) (ص / 67) : (كان بعض أَكابر العلماء يقول: أَول عقدة تحل من الزندقة, اعتقاد كون الخضر نبياً, لأَن الزنادقة يتذرعون بكونه غير نبي إِلى أَن الولي أَفضل من النبي. .) اهـ. ولهذا فقد اعتنى حماة الديانة بكشف هؤلاء المتصوفة الغلاةِ وتزييف مقاماتهم, وأَنها دركات شيطانية, ولشيخ الإِسلام في ذلك القِدْح المعلى كما في ((الفتاوى)) : (27/ 100, 103) , (13/ 67) , (11/ 433) وغيرها. وفي مباحث (العلم اللدني) كما لدى ابن القيم في ((مدارج السالكين)) : (2/ 475) , (3/ 416, 431-433) وغيرها, والله أَعلم.
¬__________
(¬1) انظر: ((الفكر الصوفي)) للشيخ عبد الرحمن بن عبد الخالق: (ص / 125, 141) , وفي مقدمة الشيخ صلاح مقبول لكتاب ((الزهر النضر)) تحقيقات حافلة.