وردوا تأْويل الجاهلين, وانتحال المبطلين, الذين عقدوا أَلوية الفتنة, وأَطلقوا أَعنة المحنة, وقالوا على الله, وفي الله بغير علم, فردوا باطلهم, وبينوا زيفهم, وكشفوا إِفكهم, ونافحوا عن الله ورسوله. فلم يقدروا على أَخذ الثأْر منهم إِلا بأَن سموهم: مشبهة, ممثلة, مجسمة, حشوية, ولو كان لهؤلاء عقول لعلموا أَن التلقيب بهذه الأَلقاب ليس لهم, وإِنما هو لمن جاء بهذه النصوص, وتكلم بها, ودعى الأُمة إِلى الإِيمان بها ومعرفتها, ونهاهم عن تحريفها وتبديلها. فَدَعُوا التشنيع بما تعملون أَنتم وكل عاقل منصف: أَنه كذب ظاهر, وإِفك مفترى. . .) انتهى.
وهذا الكلام من ابن القيم - رحمه الله تعالى -: مُسْتَلٌّ من مشكاة النبوة, الرامية إِلى حراسة الشريعة بنصب عامل الاحتساب ((لضرب كل بنان)) يريد أَن يخط في وحده صف الأُمة سطور الفرقة والاختلاف, ومزاحمة اعتقاد السلف والقضاء عليه. والذين يلوون أَلسنتهم باستنكار نقد الباطل وإِن كان في بعضهم صلاح وخير, لكنه الوهن, وضعف العزائم حيناً, وضعف إِدراك مدارك الحق, ومناهج الصواب أَحياناً, بل في حقيقته من ((التولي يوم الزحف)) عن ((مواقع الحراسة)) لدين الله والذب عنه, وحينئذٍ يكون الساكت عن كلمة الحق كالناطق بالباطل في ((الإِثم)) قال أَبو على الدقاق: ((الساكت عن الحق شيطان أَخرس والمتكلم بالباطل شيطان ناطق)) . والنبي - صلى الله عليه وسلم - يخبر بافتراق هذه الأُمة إِلى ثلاث وسبعين فرقة, والنجاة منها لواحدة على منهاج النبوة, أَيُرِيد هؤلاء اختصار الأُمة إِلى فرقة وجماعة واحدة مع قيام التمايز العقدي المضطرب؟؟!