كتاب الرد على شبهات المستعينين بغير الله
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة التحقيق
الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الحق المبيوقال تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [المجادلة-21] وقال تعالى: {قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [الأعراف-128] .والآيات القرآنية الدالة على أن العزة والمنعة والدولة والنصر – كل ذلك – آيل إلى من حقق التوحيد، وصبر على الأذى، كثيرة جدا، وفي الآيات الكونيةما يشهد لذلك ويصدقه، ويجسد هذا الوعد ويحققه. ولو استطردنا في ذكر الآيات الكونية التي منها: أخبار الرسل مع أممهم، والمصلحين مع أقوامهم، لطال بنا المقام، واتسعت ذاكرة الكلام. ولكن نشير إلى ذلك بدعوة سلفية واجهت أعداء ألداء، أقوياء أشداء، صمدت أمامهم صمود الجبل الشامخ، ورمت نحورهم برماح العلماء والمشايخ، معقلة عددهم، وضعف ذات يدهم.
هذه الدعوة هي: دعوة الإصلاح والتجديد في نجد، التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب – رحمه الله تعالى -.لقد كابدت هذه الدعوة في بدء قيامها أنواع الاضطهاد، وصنوف الظلم، وألوان العذاب، حتى إن الدولة العثمانية ألقت كامل قواها في سبيل القضاء على هذه النواة الصغيرة ... فجندت الجيوش الحربية لقتالهم، واستنفرت القدرات العلمية لهتكهم، وحذرت الناس من الاستماع لدعوتهم وقولهم، وألصقت
الافتراءات والكذبات بهم. ولكن بحمد الله تعالى: كل هذه الجنود تضعضعت وانكسرت، وفشلت أمام جنود الحق وتقهقرت.
أما الجنود الحربية فقد هيأ لها أوائل آل سعود – رحمهم الله تعالى –شبانا يرون القتل مجدا، وشيبا في الحروب مجربينا.
وأما الجنود العلمية فقد هيأ لها الشيخ محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى_ طلابا للعلم عن السنة يذودون، وبالكتاب يصولون ويجولون. فنفوا عن الكتاب تحريف المحرفين، وانتحال المبطلين، وشبهات المشبهينن. وأشهد أن نبينا وقدوتنا وسيدنا محمد المبعوث بالهدى والنور، والسعادة
والسرور، صلى الله عليه صلاة دائمة ما تعاقب الليل والنهار. وعلى آله البررة الكرام الأطهار، وأصحابه المصطفين الأخيار، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فإن خروج المناوئين لدعوة الرسل وأتباعهم، وإثارتهم الشبه تارة، والأحقاد أخرى، أمر قدره الله عز وجل وشاءه وقضاه، وصبغه بحكمته البالغة في الكمال منتهاه، وسيره سنة في الأمم لا تخرج عنه ولا تتعداه.
وقد سبق في علم الله: أن العاقبة للمتقين، والدائرة على الضالين المكذبين. ولكن الله سبحانه أراد أن يمحص المؤمنين ويبلوهم، ويختبر محبتهم له وصبرهم، بتسليط هؤلاء المناوئين عليهم، وسومهم بأنواع العذاب على أيديهم.
حتى إذا كان الناس على صنفين: مؤمنين أخيار. وكافرين فجار. أنجز الله
لعباده المؤمنين وعده، وأنزل لنصرهم ملائكته وجنده.
قال تعالى: {وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ. إِنَّهُمْ لَهُمُ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ} (الصافات 171 _172_173) وقال تعالى: {فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ}
الصفحة 5
109