كتاب الرد على شبهات المستعينين بغير الله

المحرمات أم لا؟! فالشرك أعظم ذنب عصي الله به، وأشد المحرمات تحريما، وأعظمها عند الله تأثيما، وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله: "أي الذنب أعظم عند الله"؟ قال: "أن تجعل لله ندا وهو خلقك" قلت: "ثم أي"؟ قال: "أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك" قلت:"ثم أي"؟ قال: "أن تزاني حليلة جارك" فأنزل الله تصديق ذلك {وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ} [الفرقان-68] الآيات. فانظر هل سمى الشرك ذنبا؟! والشرك أظلم الظلم، كما في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه أيضا قال: لما نزل قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الأنعام-82] شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما هو الشرك، ألم تسمعوا إلى قول العبد الصالح: {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} [لقمان-13] .
فليت شعري ما الذي يخرج عند هذا من الملة إذا كان الشرك بالله لا يخرج عنده من الملة، وإنما هو ذنب!؟
قوله: (فلو كان ذلك كفرا للزم ذكره في باب الردة ... إلى آخر كلامه) .
يقال: قد ذكر ذلك الجهابذة العلماء، وصرح به النبلاء والفهماء اتباعا لكتاب الله وسنة رسوله، كما تقدم من كلامهم القليل، لكن ثم ماذا إذا أعمى الله بصيرتك {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً} .

الصفحة 98