كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ} [النحل/ ٩٨ - ١٠٠] ومعلوم أن النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم من الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون، وأنه ليس من الذين يتولونه والذين هم به مشركون.
وقال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (٤٢)} [الحجر/ ٤٢] ومعلوم أن النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم من عباده الذين ليس للشيطان عليهم سلطان، وأنه ليس من الغاوين الذين اتبعوه.
وأقر الشيطان بأنه لا سبيل له على من هو دونه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم، وأحرى هو صلوات اللَّه عليه وسلامه، قال: {قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} [ص/ ٨٢ - ٨٣]، وقال: {وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} [إبراهيم/ ٢٢].
وقال تعالى في نبينا صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم: {سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (٦)} [الأعلى/ ٦]، وقال: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم/ ٣ - ٤].
وصرح جل وعلا بحفظ القرآن من دسائس الشيطان، قال: {وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت/ ٤١ - ٤٢]، فقوله تعالى: {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ} فعل في سياق النفي، والفعل في سياق النفي من صيغ العموم، كالنكرة في سياق النفي عند المحققين من علماء الأصول، ووجهه ظاهر؛ لأنك إذا حللت الفعل انحل إلى مصدر وزمن، فهو يدل على نكرةٍ واقعةٍ في

الصفحة 130