كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

موجب الإعراب الذي هو الاتصاف بخاصة الاسم -أعني الجمع والتثنية- فروعي أحد الموجبين في المثنى، والآخر في الجمع. واللَّه تعالى أعلم.
ثم سألني بعض الطلبة في "أم درمان" عن معنى قول الشاعر:
وتُبْلِي الألى يستلئمون على الألى ... تراهن يوم الروع كالحِدَأ القُبْلِ
فأجبته بأن "تُبْلِي" بمعنى تُهْلِك، من قولهم: أبلاه الدهر إذا أهلكه، والضمير في قوله: "تُبْلِي" راجع إلى المنون في بيت قبله، وهو قوله:
فتلك خطوب قد تملت شبابنا ... قديمًا فتبلينا المنون وما نُبْلِي
ومعنى البيت المسئول عنه: "وتُبْلِي" -أي تُهْلِك- المنونُ التي هي الموت، "الألى" جمع "الذي"، وهي هنا جمع مذكر عاقل بدليل قوله: "يستلئمون"، وقوله: "يستلئمون" يلبسون لأمة حربهم كالدروع، وقوله: "على الألى" جمع "التي" فهو جمع مؤنث، بدليل قوله: "تراهن"، و"الروع" الخوف، و"الحِدَأ" جمع حدأة كعنب وعنبة، والحدأة: طائر معروف يختطف اللحم من أيدي الناس و"القُبْلِ" جمع قبلاء كحمر وحمراء، والقبلاء المتصفة بالقَبَل بفتحتين وهو الحول في العين، والحدأة إذا أرادت الانقضاض صارت تنظر بمؤخر عينها كنظر الأحول.
وحاصل معنى البيت: أن المنون -وهي الموت- تهلك الرجال

الصفحة 139