كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

يوسف النور- عن تحقيق القول بالموجب؛ لأنه في ذلك الوقت ينظر في كتاب، فوجد فيه ذكر القول بالموجب، فطلب مني الكلام عليه بإيضاح وبيان، فكان جوابي له:
أنَّ القول بالموجب عند الأصوليين مغاير للقول بالموجب عند البيانيين، وسنبينه لك عند الأصوليين والبيانيين.
فالقول بالموجب عند الأصوليين: هو تسليم الدليل مع بقاء النزاع، نحو قوله تعالى: {يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون/ ٨] فإن المنافقين كابن أبيّ استدلوا على إخراجهم النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم وأصحابه من المدينة بأن الأعز قادر على إخراج الأذل، فسلم اللَّه لهم هذا الدليل مبيِّنًا أنهم لا حجة لهم فيه؛ لأنهم هم الأذل لا الأعز، لقوله تعالى: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}.
ومنه قوله تعالى: {وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ} [التوبة/ ٦١] [التوبة/ ٦١] سلَّم لهم كونه أذنًا مبئنًا أنهم لا حجة لهم في عيبه بذلك، بل كونه أذنًا مقتضى لمدحه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم، لا ذمه، لقوله جل وعلا: {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ}.
وهو أي القول بالموجب عند الأصوليين من القوادح في الدليل علة كان أو غيرها، وهو يقع عند الأصوليين على أربعة أوجه:
الأول: أنه يَرِدُ على النفي.

الصفحة 141