كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

ليس هو مبناه، فلا يلزم من إبطاله إبطال مذهبي، بل مذهبي أن القتل بالمثقل ليس بعمد، بك هو شبه عمدٍ؛ لأن العمد قصد كامن في النفس، فإذا أخذ القاتل الآلة المعهودة للقتل كالسلاح استدل بذلك على عمده، وإلا فلا يتحقق العمد؛ لأنه قد يقصد بالمثقل الضرب من غير إزهاق الروح، والمعلل بالمظان يكفي فيه مطلق المظنة، كما أنيط قصر الصلاة بالسفر الذي هو مظنة المشقة، وإن لم تقع فيه مشقة بالفعل.
ومعنى ورود القول بالموجب على الإثبات -الذي هو الوجه الثاني- أن يستنتج المستدل من دليله ما يتوهم منه أنه محل النزاع أو لازمه، ولا يكون كذلك في نفس الأمر، فيقول الخصم بموجبه بأن يقول: هذا الدليل الذي ذكرت لا يتناول محل النزاع، فما أنتجه دليلك أعمُّ من صورة النزاع، ولا يخفى أن وجود الأعم لا يستلزم وجود الأخص.
مثاله أن يقول المستدل الموجب للقصاص بالقتل بالمثقل، كالمالكي والشافعي: قَتَل بما يقتل غالبًا فلا ينافي القصاص، فيجب فيه القصاص قياسًا على الإحراق بالنار لا ينافي القصاص فيجب فيه. فيقول الحنفي بموجبه بأن يقول: سلمنا عدم المنافاة بين القتل بمثقل وبين القصاص، ولكن لِمَ قلتَ: إن القتل بمثقل يستلزم القصاص؟ ومن أين لك أن عدم منافاة القصاص الذي هو أعمُّ من استلزام القصاص يلزم من وجوده، ومعلومٌ أن وجود الأعم لا يستلزم وجود الأخص؛ ومحل النزاع وجوب القصاص وعدمه في القتل بالمثقل، لا

الصفحة 143