كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

. . . . . . . . . ... ومنتقى ذي الاختصار النقض
إن لم تكن منصوصة بظاهر .... وليس فيما استنبطت بضائر
إن جا لفقد الشرط أو لما منع ... والوفق في مثل العرايا قد وقع
واعلم أن أقسام فساد الوضع الخمسة التي ذكرنا يمكن ردها إلى قسمين، وهما: تلقي الشيء من ضده أو نقيضه، أو كون الجامع ثبت اعتباره بنص أو إجماع في نقيض الحكم أو ضده. وإلى هذا التحرير الذي ذكرنا في فساد الوضع أشار في "مراقي السعود" بقوله:
من القوادح فساد الوضع أن ... يجي الدليل حائدًا عن السنن
كالأخذ للتوسيع والتسهيل ... والنفي والإثبات من عديل
منه اعتبار الوصف بالإجماع ... والذكر أو حديثه المطاع
في ناقض الحكم بذا القياس ... جوابه بصحة الأساس
وأما "فساد الاعتبار" فهو أن يقوم نص من كتاب أو سنة أو إجماع على مخالفة دليل المستدل قياسًا كان أو غيره، فكل دليل من قياس أو غيره خالف كتاب اللَّه أو سنة نبيه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم أو إجماع الأمة، فهو باطل بالقادح المسمى "فساد الاعتبار"، كأن يقال من جهة المخالف: لا يصح القرض في الحيوان لعدم انضباطه، كالمختلطات. فيعترض المالكي مثلا بأنه مخالف لحديث مسلم أنه صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم استسلف بكرًا ورد رباعيًّا، وقال: "إن خيار الناس أحسنهم قضاء".

الصفحة 155