كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

وهو أن يجي على التعليل ... بالوصف ظاهر من التنزيل
أو الحديث فالخصوص ... يَطْرُدُ عن اعتبار الشارعِ المجتهدُ
وقال في القسم الثاني منه:
من المناط أن تجي أوصاف ... فبعضها يأتي له انحذاف
عن اعتباره وما قد بقيا ... ترتب الحكم عليه اقتفيا
وأما "إلغاء الفارق" فذهب بعضهم إلى أنه مسلك عاشر ليس قسمًا من "تنقيح المناط"، وعليه درج السبكي في "جمع الجوامع".
والتحقيق أن إلغاء الفارق قسم من "تحقيق المناط"، ويسمى حينئذٍ "تنقيح المناط وإلغاء الفارق"، وهو تبيين عدم تأثير الفارق المنطوق به في الحكم، فيثبت الحكم لما اشتركا فيه؛ لأنه إذا لم يفارق الفرع الأصل إلا فيما لا يؤثر، ينبغي اشتراكهما في المؤثر، فيلزم من ثبوت الحكم في الأصل ثبوته في الفرع.
وإنما قلنا: إن التحقيق أن "إلغاء الفارق" قسمٌ من "تنقيح المناط"، لأن حذف خصوص الوصف عن الاعتبار قد يكون بإلغاء الفارق، وقد يكون بدليل آخر، وهذا ظاهرٌ.
و"إلغاء الفارق" ينقسم إلى ظني وقطعي؛ فمثال القطعي منه إلحاق صب البول في الماء الراكد بالبول فيه في الكراهة، إذ لا فرق بين أن يبول فيه وبين أن يبول في إناء ثم يصب البول فيه، ومثال الظني منه إلحاق الأمة بالعبد في سراية العتق الثابت في حديث الصحيحين:

الصفحة 162