كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

وقولنا: "تعيين المجتهد العلة بإبداء مناسبة" احترزنا به عن تعيين العلة بالطرد، أو الشبه، أو الدوران، أو الوصف المستبقى في السبر، وباعتبار المناسبة في هذا المسلك يمتاز عن ترتب الحكم على الوصف الذي هو من أقسام الإيماء الذي هو المسلك الثالث، وإن اشتركا في ارتباط الحكم بالوصف في كل منهما، فحديث مسلم المذكور فيه الإيماء من جهة ترتيب الحكم على الوصف، ولو فرضنا عدم ظهور المناسبة بينهما على مذهب الأكثر من عدم اشتراطها، وفيه المناسبة -أي النوع المسمى بها- من جهة ظهور المناسبة الخاصة.
والسلامة عن القوادح قيدٌ في تسمية التعيين المذكور بتخريج المناط بحسب الواقع، لا للاعتداد به، إذ كل مسلك لا يتم بدون السلامة من القوادح، فالسلامة عنها جزء من مسمى هذا المسلك الذي هو المناسبة أو تخريج المناط، أما بالنسبة إلى غيره من المسالك فشرطٌ خارجٌ عن المسمى.
وما ذكرنا في تفسير المناسبة اصطلاحًا هو الصحيح من أقوال متقاربة ذكرها صاحب "جمع الجوامع".
واعلم أن الوصف المناسب المذكور لابد من تحقيق استقلاله بالعلية، وذلك بنفي غيره من الأوصاف، بألا يوجد مثله ولا ما هو أولى منه بالسبر والتقسيم.
وإلى جميع هذا التحقيق المذكور في "تخريج المناط" أشار في "مراقي السعود" بقوله:

الصفحة 166