كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

والسبر والتقسيم قسم رابع ... أن يحصر الأوصاف فيه جامع
ويبطل الذي لها لا يصلح ... فما بقي تعيينه متضح
معترض الحصر في دفعه يرد ... بحثت ثم بعد بحثي لم أجد
أو انفقاد ما سواها الأصل ... وليس في الحصر لظن حظل
وهو قطعي إذا ما نميا ... للقطع والظن سواه وعيا
حجية الظنيِّ رأيُ الأكثر ... في حق ناظر وفي المناظر
إن يبد وصفًا زائدًا معترض ... وَفَى به دون البيان الغرض
وقطع ذي السبر إذًا منحتم ... والأمر في إبطاله منبهم
أبطل لما طردًا يرى ويبطل ... غير مناسب له المنخذل
كذاك بالإلغا وإن قد ناسبا ... وبتعدي وصفه الذي اجتبى
واعلم أن هذا الدليل المسمى عند الأصوليين بـ "السبر والتقسيم" من أحسن الأدلة الجدلية، وأنفعها في إفحام الخصوم، وهو الدليل الذي أفحم به الشيخ الذي جيء به مقيدًا من الشام ابن أبي داود بحضرة الواثق باللَّه العباسي، وذلك أن الشيخ الشامي قال لابن أبي داود: مقالتك هذه التي تدعو الناس إليها وهي القول بخلق القرآن لا تخلو بالتقسيم الصحيح من أحد أمرين: إما أن يكون النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم كان عالمًا بمقالتك هذه التي تدعو الناس إليها، هو وخلفاؤه الراشدون، أو كانوا غير عالمين بها، ولا واسطة بين الأمرين، أي علمهم بها وعدمه، وفي كل واحد منهما فأنت على غير

الصفحة 175