كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

المرسلة، إذ لا نص في خصوص تولية عمر، وسكت جميع أصحاب النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم ولم يعترضوا بعدم النص فيما فعل أبو بكر رضي اللَّه عنه، مع أن تجويز مالك لضرب المتهم بالسرقة ليقر يدل عليه ما في بعض روايات حديث الإفك من أن عليًا رضي اللَّه عنه ضرب بريرة لتصدق النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم فيما سألها عنه من أمر عائشة رضي اللَّه عنها، وبريرة بريئة ضربت لتخبر بالصدق، وهذه مصلحة مرسلة أقر عليها النبي صلى اللَّه عليه وعلى آله وسلم.
واعلم أن ما ذكرنا من أن المصلحة المرسلة لم يدل الدليل الشرعي على اعتبارها في ترتب الحكم عليها نعني به الدليل الخاص، فلا ينافي وجود الدليل العام، لأن ما لم يدل عليه دليل خاص ولا عام لا يصح أن يكون حكمًا شرعيًّا.
فالمصالح المرسلة وإن لم تدل عليها الأدلة الخاصة فقد دلت عليها الأدلة العامة، فتولية أبي بكر لعمر رضي اللَّه عنهما، وإن لم يدل على خصوصها دليل، فقد دلَّ الدليل على وجوب حفظ نظام المسلمين والإسلام بتولية الأحق بذلك من المسلمين، وكتابة المصحف ونقطه وشكله، وإن لم يدل عليها دليل خاص، فقد دلَّ الدليل العام على وجوب حفظ القرآن من الذهاب والتصحيف، وهكذا في جميع المصالح المرسلة، والعلم عند اللَّه.
ثم طلب منا بعض صفوف طلبة العلم بالمعهد الديني في "أم درمان" أن نلقي عليهم درسًا شافيًا بأسلوب واضحٍ في أنواع المجاز والاستعارة، يتبين به صحة تقسيم المجاز والاستعارة، ويتضح به حد

الصفحة 190