كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

كل قسم من تلك الأقسام.
فكان جوابنا: أنه لما كانت الاستعارة قسمًا من أقسام المجاز نتكلم أولًا على أقسام المجاز بغاية الإيضاح، ثم على أقسام الاستعارة كذلك.
فالمجاز: مَفْعَل مِنْ جاز المكان يجوزه إذا تعداه، ويحتمل أنه اسم مصدر، أو مكان، أو فاعل، أو مفعول، إذ يحتمل كونه جواز المعنى الأصلي أي تعديه إلى غيره، ويحتمل المحل الذي فعل فيه ذلك اللفظ الذي استعمل في غير معناه، ويحتمل كون اللفظ جائزًا أي متعديًا محله الأصلي إلى غيره، ويحتمل كونه مجوزًا به بمعنى أن المتكلم جاز باللفظ محله الأصلي إلى غيره. كل هذه الاحتمالات الأربعة قال بها البعض.
فإذا حققت اشتقاق المجاز فاعلم أنه ينقسم إلى ثلاثة أقسام: مجاز عقلي، ومجاز مركب، ومجاز مفرد.
والأول الذي هو "العقلي" يسمى أيضًا "مجازًا في الإسناد" و"المجاز الحكمي" و"المجاز في الإثبات" و"الإسناد المجازي".
وحدُّه: إسناد الفعل أو ما في معناه إلى غير ما هو له في اعتقاد المتكلم لأجل ملابسة بينهما، أي المسند وذلك الغير الذي أسند إليه، مع قرينةٍ مانعةٍ عن إرادة ما هو له.
والقرينة لفظية أو معنوية، والملابسة المذكورة كملابسة الفعل لفاعله لوقوعه منه، أو مفعوله لوقوعه عليه، أو مصدره لأنه جزء من

الصفحة 191