كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

ومن أمثلة القرينة اللفظية على المجاز العقلي قول الصلتان العبدي:
وملَّتنا أننا المسلمون ... على دين صدِّيقنا والنبي
بعد قوله:
أشاب الصغيرَ وأفنى الكبيرَ ... مرُّ الغداة وكرُّ العشي
فإن قوله: "وملتنا أننا المسلمون" قرينةٌ لفظيةٌ على أن إسناده إشابة الصغير وإفناء الكبير إلى "مر الغداة" و"كر العشي" مجاز. فما في "التخليص" من أنه غير مجاز لعدم القرينة على قصد المجاز فيه نظر، كما نبه عليه غير واحدٍ من المحققين.
وأما القرينة المعنوية فكقولك: "جاءتك المحبة بي" إذ المحبة لا تجيء به، بل هي سبب مجيئه، وكإيمان قائل "أنبت الربيع البقل".
فإذا حققت بما ذكرنا معنى المجاز العقلي فاعلم أن إسناد الفعل أو مشابهه إلى من هو له عند المتكلمين يسمى "حقيقة عقلية"، كقول المؤمن: "أنبت اللَّه البقل"، وقول الطبائعي: "أنبت الربيع البقل".
والإسناد الخبري ينقسم إلى هذين القسمين -أي الحقيقة العقلية والمجاز العقلي-، والقرينة المذكورة هي الفارقة بين المجاز والكذب، كما يأتي إيضاحه في قرينة الاستعارة.
وأما القسم الثاني من أقسام المجاز: وهو المجاز المركب، فهو اللفظ المركب الذي استعملت مفرداته في حقائقها اللغوية، واستعمل

الصفحة 197