كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

الذي تجلس فيه الجماعة، فسموا باسمه الجماعة الجالسين فيه مجازًا مرسلًا علاقته كونه محلًا لهم.
ومنه قوله تعالى: {فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق/ ١٧ - ١٨].
ومنها: الحاليَّة، أي تسمية الشيء باسم الحال فيه مجازًا علاقته كونه حالًا فيه، كقوله: {فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [آل عمران/ ١٠٧] سمى الجنة باسم الرحمة لكون الرحمة حالَّة في الجنة.
وللمجاز المرسل علاقات أخرى غير ما ذكرنا، وفيما ذكرنا من الأمثلة كفاية؛ لأنا لم نرد استيعابها، بل ذكر أمثلة متعددة منها يتم بها وضوح المعنى للسامعين.
فإذا حققت بما ذكرنا من البيان أن المجاز ينقسم إلى عقلي ومركب ومفرد، وأن كلًا من المركب والمفرد ينقسم إلى مرسل واستعارة، فاعلم أنَّا قد بينابخاية الإيضاح المجاز العقلي والمجاز المرسل من المفرد والمركب، ولم يبق من أقسام المجاز إلا قسمٌ واحد هو الاستعارة، وهذا أوان الشروع في تحقيق مباحث الاستعارة.
اعلم أولًا أن الاستعارة من مادة "ع ور" وهي مصدر استعار، ووزن استعار استفعل، والأصل في قياس مصدر "استفعل" هو "الاستفعال" إلا أن "استفعل" ومثلها "أفعل" إذا كانت معتلة العين سقطت عينها بالاعتلال فأبدلت ألفًا وعوض من تلك العين الساقطة بالاعتلال في المصدر تاء زائدة، كما تقول: استقام استقامة، واستعان استعانة، واستعار استعارة، ولو كانت العين صحيحة لقلت في

الصفحة 205