كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

ونذكر من خلال ذلك التخييلية التي هي في الحقيقة مجاز عقلي عند الجمهور والسلف من البيانيين، ثم نذكر الاستعارة التي هي قسم من المجاز المركب وهي التمثيلية.
اعلم أن الاستعارة التي هي قسم من قسمي المجاز المفرد تنقسم انقسامات كثيرة باعتبارات مختلفة، فتتنوع بذلك إلى أنواع كثيرة مختلفة. وسنبيِّن لك جميعها مع غاية الإيضاح.
اعلم أولًا أن أصل الاستعارة التشبيه، فهي مجاز علاقته المشابهة، وهم يقولون: إن التشبيه زُوِّجَ بالمجاز فتولدت من بينهما الاستعارة.
واعلم أن الاستعارة لابد فيها من حذف أحد طرفي التشبيه الذي هو أصلها أعني المشبه به والمشبه، ولابد مع ذلك من حذف الوجه والأداة، فالاستعارة لم يبق فيها من أركان التشبيه الذي هو أصلها إلا المشبه به فقط، أو المشبه فقط، وهي بهذا الاعتبار تنقسم إلى تصريحية ومكنية، وبرهان الحصر فيهما بهذا الاعتبار أنك تقول: لابد في الاستعارة من حذف المشبه أو المشبه به، ولا ثالث، فإن كان المحذوف المشبه فهي التصريحية، وإن كان المحذوف المشبه به فهي المكنية.
واعلم أن المشبه به إذا حذف في المكنية لابد أن يرمز له بشيء من لوازمه، ويسند ذلك اللازم المرموز به للمشبه به الى حذوف إلى المشبه المذكور، وإسناده إليه -وهو في الحقيقة لغيره- هو معنى الاستعارة التخييلية عند الأقدمين من أهل البيان، فالتخييلية عندهم مجاز عقلي، وإنما سموها استعارة مجازًا.

الصفحة 207