كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

التخييلية، والأظفار في الحقيقة مستعملة في معناها اللغوي، وإنما المجاز في إسنادها إلى المنية وهي ليست لها، فإسنادها إليها مجاز عقلي عند السلف من البيانيين، وإنما سموه استعارة تخييلية مجازًا.
وما ذكرنا من أن القسمة ثنائية بهذا الاعتبار لا يَرِدُ عليه جعل الاستعارة التخييلية قسمًا ثالثًا، لأن عدهم التخييلية قسمًا إنما هو باعتبار لزومها للمكنية، فهي قسم بالتبع بالاستقلال، لأن التخييلية لا تصلح قسيمًا للمكنية لملازمتها عند سلف البيانيين، لأن أداة التقسيم عنادية أبدًا كإما ونحوها، ولا عناد بين المتلازمين، ولا تصلح أيضا قسيمًا للمصرحة؛ لأن التخييلية على مذهب الأقدمين حقيقة لغويةٌ مجازٌ عقليٌّ، والمجاز العقلي ليس قسمًا من أقسام الاستعارة.
وأما على مذهب السكاكي ومن تبعه فلا تصلح التخييلية أيضًا قسيمًا للمصرحة؛ لأن المصرحة عنده تنقسم إلى تخييلية وتحقيقية.
فإذا كانت التخييلية عند الأقدمين مجازًا عقليًّا، وعند السكاكي استعارة مصرحة، تبين أنها لا يصح كونها قسيمًا لها، فقولك: "الاستعارة إما تصريحية أو مكنية" هذا تقسيم صحيحٌ؛ لأنه لابد من حذف أحد الطرفين، فإن كان المشبه فهي التصريحية، وإلا فالمكنية.
ولا يصح قولك: "الاستعارة إما مكنية وإما تخييلية"؛ لأن التخييلية عند الأقدمين مجاز عقلي، والمجاز العقلي ليس من أقسام الاستعارة، كما لا يصح قولك: "الاستعارة إما تصريحية وإما تخييلية"؛ لأن التخييلية مجاز عقلي عند الأقدمين، ومصرحة عند السكاكي ومن وافقه، كما يأتي تحقيقه في الكلام على قرينة المكنية.

الصفحة 209