كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

المفرد المفسر بالكلمة المستعملة في غير ما وضعت له، فلا يكون على مذهبه المشبه في صورة الاستعارة بالكناية استعارة.
والحاصل أن هذا الكلام الذي ذكرنا يشتمل على مقدمتين صحيحتين، يتركب منها قياس اقتراني من الشكل الثاني، ينتج بطلان مذهب السكاكي.
وكيفية نظمه أن نقول: لفظ المشبه لم يستعمل إلا في معناه، ولا شيء من الاستعارة يستعمل في معناه، ينتج: لا شيء من لفظ المشبه باستعارة. وهو المطلوب في رد مذهب السكاكي.
واعلم أن هذا القياس الذي ذكرنا لا يعترض بكون كلتا مقدمتيه فيها حرف سلب، والشكل الثاني يشترط لإنتاجه اختلاف مقدمتيه في الكيف، بأن تكون إحداهما موجبة والأخرى سالبة كما هو معلوم؛ لأن صغراه التي هي قولنا: "لفظ المشبه لم يستعمل إلا في معناه" موجَبةٌ معنًى، لأن النفي بـ "لم" نفته "إلا"، فتماسكت (¬١) "لم" و"إلا"، ونفي النفي إثباتٌ، فصار المعنى: لفظ المشبه مستعمل في معناه فقط.
فإذا كانت تسمية الاستعارة تختل بالذهاب إلى مذهب السكاكي فلا وجه للذهاب إليه، وما أجاب به في "المفتاح" عن هذا الاعتراض نوقش فيه كثيرًا، وفيما ذكرنا كفاية.
وأما مذهب الخطيب فالدليل على عدم صحته أنه فسر المكنية
---------------
(¬١) كذا في الأصل المطبوع.

الصفحة 213