كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

بأنها تشبيه مضمر في النفس، والتشبيه المضمر في النفس معنى من المعاني قائمٌ بنفس الشخص، والاستعارة هي الكلمة المستعملة في غير ما وضعت له، فالمعنى القائم بنفس الشخص لا يصح أن يكون استعارة، والمكنية بالمعنى المصدري لا يصدق عليها حد الخطيب أيضا، لأنها بالمعنى المصدري استعمال اللفظ في غير ما وضع له، والتشبيه مباينٌ لذلك ضرورة.
وأما مذهب العصامي فلا وجه له؛ لأن ما ادعاه من قلب التشبيه خلاف الأصل بلا موجب ولا دليل، وجعله مجموع الكلام كناية عن لازم معناه لابد فيه من ملاحظة الحقيقة، فيخرج بتلك الملاحظة عن حد الاستعارة لأنها مجاز، وبالجملة فمذهبه لا دليل عليه ولا حاجة إليه.
وأما مذهب صاحب "الكشف" فقد قدمنا أنه غلطٌ من أجل فَهْمِه من كلام صاحب "الكشاف" غير مراده، وصاحب "الكشاف" موافق للجمهور في المكنية.
وأيضًا، فإن مذهب صاحب "الكشف" الذي هو أن المكنية هي اللازم المرموز به للمشبه به المحذوف -كالأظفار في المثال المقدم- يظهر القدح فيه بأن الأظفار مثلًا مستعملة في معناها الحقيقي، فليست مجازًا حتى تكون استعارة، وإنما المجاز في إسنادها إلى المنية كما قدمنا عن الجمهور.
وقول بعض البيانيين أن الأظفار في المثال المذكور مجازٌ؛ لأنها مستعملة في مشبه وهمي تخيله الذهن وتوهمه = لا دليل فيه لصاحب

الصفحة 214