كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

الحاصلة لكل منهما، فحذف المشبه الذي هو غور الماء، وأثبت المشبه به الذي هو البلع، فجاءت تصريحية تحقيقية، والتحقيق فيها حسي؛ لأن المستعار له الذي هو غور الماء في الأرض محسوسٌ، واشتق الفعل الذي هو "ابلعي" من البلع، فجاءت الاستعارة تبعية، فقرينة هذه المكنية استعارة تحقيقية تصريحية تبعية.
ومثال إتيان قرينة المكنية استعارة تخييلية قول لبيد:
وغداة ريحٍ قد كشفتُ وقِرَّة ... إذْ أصبحت بيد الشَّمال زمامها
أراد تشبيه "الشَّمال" بالفتح -وهي ريح مشهورة- في قوة تأثيرها في الغداة بالتبريد بالشخص المالك، والجامع قوة تأثير كل من حال إلى حال، فحذف المشبه به الذي هو الشخص المالك، ورمز له بشيء من لوازمه وهو اليد التي يتناول بها التصرف، وأثبت المشبه الذي هو الشمال؛ فجاءت استعارة مكنية.
وعلى مذهب السكاكي: أراد تشبيه الشمال بالشخص المالك مدعيًا أنها هو لا شيء آخر بدليل إضافة يده إليها، وفي ذكر اليد عنده استعارة تصريحية تخييلية؛ لأنه أراد تشبيه شيء توهمه وتخيله لريح الشمال بيد الشخص المتصرف، فحذف ذلك الشيء المتوهم المتخيل الذي هو المشبه، وصرح بالمشبه به الذي هو اليد، فجاءت استعارة تصريحية، والمشبه لا وجود له في الحس ولا في العقل، فكانت استعارة تخييلية، فقرينة هذه المكنية استعارة تصريحية تخييلية.
ومثال إتيان قرينة المكنية حقيقة لغوية عند السكاكي قولك:

الصفحة 218