كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

وحاصل مذهب الزمخشري: أنه إن شاع استعمال ملائم للمشبه به في ملائم المشمه فقرينة المكنية استعارة مصرحة، سواء كان ملائم المشبه الذي استعمل فيه ملائم المشبه له له وجود في الحس، أو العقل، أو لا وجود له في واحد منها، وأما إذا لم يشع استعماله فيه فلا تكون عنده استعارة مصرحة، بل حقيقة لغوية. والإسناد المجازي كمذهب الجمهور، سواء كان للمشبه ملائم يشبه ملائم المشبه به موجودًا في الحس، أو العقل، أو لا.
وهذا المذهب هو الذي اقتصر عليه المحقق السمرقندي، إلا أنه اعتبر وجود ملائم للمشبه يشبه ملائم المشبه به وإن لم يشع استعماله فيه، والزمخشري يعتبره لكثرته في كلام العرب، كقول لبيد:
وغداة ريح قد كشفت وقرة ... إذْ أصبحت بيد الشمال زمامها
وكقول الآخر:
ويد الشَّمال عشية مذ أرعشت ... دلت على ضعف النسيم بخطها
كتبت سقيمًا في صحيفة جدول ... فيه الغمامة صححته بنقطها
وكقول الآخر:
قد جلسنا بروضةٍ غناء ... نجتلي بيننا كؤوس الهناء
روضة تحتها الجداول تجري ... تحت سوق الغصون كالرقطاء
صقلتها يد النسيم فلاحت ... فيه أزهارها كنجم سماء
وبها الورد لاح مثل خدودٍ ... كسيت باحمرار صُنع (¬١) الحياء
---------------
(¬١) كذا في الأصل المطبوع. ولعلها: صبغ.

الصفحة 220