كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

قال مقيد هذه الرحلة عفا اللَّه عنه وغفر له: التحقيق الذي يتلقاه الذهن السليم بالقبول هو أن التخييلية توجد دون المكنية، والمكنية توجد دون التخييلية، ويجتمعان معًا، وإنما ذكرت أن هذا هو التحقيق لكثرة الشاهد له في كلام البلغاء.
فمثال إتيان التخييلية دون المكنية قول أبي تمام:
لا تسقني ماء الملام فإنني ... صبٌّ قد استعذبت ماء بكائي
فإنه توهم للملام شيئًا يمازج الروح شبيهًا بالماء، وأطلق اسمه عليه استعارة تخييلية، ولا مكنية معها.
وكقول أبي الطيب المتنبي:
وقد ذقت حلواء البنين على الصبا ... فلا تحسبنِّي قلت ما قلت عن جهل
فإنه تخيل للبنين لذاذة تشبه الحلواء، وأطلق اسمها عليها استعارة تخييلية، ولا مكنية معها.
وكقول أشجع السلمي:
للَّه سيفٌ في يدي نصرِ ... في حده ماء الردى يجري
وقول البحتري:
أما مسامعنا الظماء فإنها ... تروى بماء كلامك الرقراق
وقول التهامي:
أذهبت رونق ماء النصح والعذل ... فاذهب فلست بمعصوم من الزلل

الصفحة 223