كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

وقول مقيد هذه الرحلة عفا اللَّه عنه وغفر له في أبياته التي بيَّن فيها أن مقاصد الشعراء ليست له بمقاصد:
قد صد بي حلم الأكابر عن لمى ... شفة الفتاة الطفلة المغناج
ماء الشبيبة زارع في صدرها ... رمانتي روض كحق العاج
فالماء في جميع هذه الأمثلة مستعار لأمر وهمي على سبيل الاستعارة التخييلية المصرحة، ولا مكنية معها.
ومثال إتيان المكنية دون التخييلية قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ} لأن قرينة المكنية فيها تحقيقية لا تخييلية، كما قدمنا عن السمرقندي والزمخشري واختيار السعد التفتازاني.
ومثال اجتماعهما بيت لبيد المتقدم.
فهذا الذي مثلنا له من اجتماعهما، وانفراد كل منهما عن الأخرى هو اختيار مقيد هذه الرحلة عفا اللَّه عنه وغفر له وعامله بلطفه الجميل، بناءً على اختياره مذهب السكاكي في أن قسيم التخييلية هو التحقيقية، لأنك تقول: المستعار له إما أن يكن له وجودٌ في الحس أو العقل، أو لا، فإن كان له وجود في أحدهما فالتحقيقية، وإلا فالتخييلية كما قدمنا، وأما جعل التخييلية قسيمًا للمصرحة والمكنية فلا يصح ولا يعقل إلا بحسب تبعها للمكنية عندهم، كما بيناه فيما مر.
تنبيه: قد أكثرنا في هذا الدرس البياني من ذكر الاستدلال على الأسد المحذوف في بيت أبي ذؤيب الهذلي المتقدم بلازمه الذي هو أظفاره، ولمعترض أن يقول: كيف تستدلون بذكر الأظفار على

الصفحة 224