كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

خصوص الأسد مع أن أهل اللغة لم يخصوا الأظفار بالأسد، فالأظفار تنسب لغير الأسد حقيقةً ومجازًا، فالحقيقة كقوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} [الأنعام/ ١٤٦]، والمجاز كقوله:
وذي رحم قلمت أظفار جهله ... بحلمي عنه حين ليس له حلم
وكقول حسان رضي اللَّه عنه:
نسمو إذا الحرب نالتنا مخالبها ... إذا الزعانف من أظفارها خشعوا
فإنه استعار "الأظفار" في البيت الأول لما يحمل عليه الجهل من سوء المعاشرة بجامع الإيذاء، واستعار "الأظفار" في البيت الثاني لما ينشأ عن آلات الحرب من جرح أو موت بجامع الإيذاء أيضًا.
والجواب عن الاعتراض المذكور كما أورده بعض المحققين: أن الغالب استعمال الأظفار لخصوص الأسد، وغلبة استعمالها في خصوصه كافية، فاندفع الاعتراض المذكور. واللَّه تعالى أعلم.
فقد بيَّنا بغاية الإيضاح كيفية انقسام الاستعارة إلى مصرحة ومكنية، وبيَّنا المذاهب في المكنية، والمذاهب في قرينتها، وبيَّنا التخييلية عند الجمهور، وأن عدهم لها قسيمًا للمصرحة والمكنية إنما هو بحسب ملازمتها عندهم مع المكنية، وبينا كيفية انقسام الاستعارة عند السكاكي بحسب وجود المستعار له حسًّا أو عقلًا وعدمه فيهما إلى تحقيقية وتخييلية، وبينا الكلام في ملازمة المكنية والتخييلية وعدمها، وحققنا المقام في ذلك بما لا مزيد عليه.
والآن نتكلم عن انقسام الاستعارة باعتبارات أخرى.

الصفحة 225