كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

اعلم أن الاستعارة باعتبار الإتيان فيها بما يلائم المشبه به أو المشبه وعدم الإتيان بما يلائم واحدًا منهما تنقسم قسمة ثلاثية إلى: مرشحة، ومجردة، ومطلقة.
وإيضاحه: أنه إذا ذكر فيها ملائم المشبه به فهي مرشحة، كما لو استعرت أسدًا لرجل شجاع، وذكرت أن ذلك الأسد له لبدة وأن أظافره لم تقلم، لأن اللبدة والأظافر من ملائم المشبه به الذي هو الأسد دون الرجل الشجاع الذي هو المشبه.
وإن ذكر فيها ملائم المشبه فهي المجردة، كما لو استعرت أسدًا لرجل شجاع، وذكرت أن ذلك الرجل الشجاع شاكي السلاح؛ لأن السلاح من ملائم المشبه الذي هو الرجل الشجاع دون المشبه به الذي هو الأسد.
وأما إذا لم يذكر فيها ما يلائم واحدًا منهما فهي المطلقة.
وأبلغ هذه الأقسام الثلاثة المرشحة، ثم المطلقة، وأدناها المجردة.
ووجه كون المرشحة أبلغها، والمجردة أقلها بلاغة: أنك إذا أردت تشبيه رجلٍ شجاعٍ بأسد مثلًا، واستعرته له وجعلت ذلك الأسد المستعار للرجل الشجاع متناهيًا في القوة والشجاعة لذكرك ما يدل على ذلك من اللبدة وقوة الأظفار بعد التقليم، كان ذلك أدل على شجاعة ذلك الرجل وكمالها مما لو شبهته بمطلق أسد.
وإذا أردت في المجردة أن تشبه رجلًا بأسد فاستعرته له وذكرت أن

الصفحة 226