كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

بل الذي يدل على ذلك جملة الكلام.
وأما على ما ذهب إليه السيد ومن وافقه من أن ماهية الفعل الصناعي مركبةٌ من ثلاثة أمور وهي: المصدر، والزمن، والنسبة. فوجه كون الاستعارة في الفعل تبعية أن معناه لمَّا اشتمل على النسبة غير المستقلة بالمفهومية كان تمام معنى الفعل غير مستقل، لأن المركب من المستقل وغيره غير مستقل، وغير المستقل لا يصلح للحكم عليه بالموصوفية، فاعتبرنا التشبيه والاستعارة أولًا في المصدر لاستقلاله بالمفهومية، ثم في الفعل بالتبع له.
ومثال الاستعارة التبعية التي المستعار منه فيها اسمٌ مشتق قولهم: "الحال ناطقة بكذا" فالمراد تشبيه دلالة الحال بالنطق، والجامع الإبانة والإيضاح، فحذف المشبه الذي هو الدلالة، وصرح بالمشبه به الذي هو النطق، فكانت مصرحة، ثم اشتق من النطق اسم الفاعل الذي هو ناطقة، فكانت تبعية لجريانها في المصدر أولًا، ثم في الاسم المشتق منه بالتبع له.
وإيضاحه: أن الاسم المشتق إذا حللته انحل إلى مصدر وذات، والمصدر أبدًا معين، والذات مبهمة، فاتضح أن المقصود الأهم الجدير بأن يعتبر فيه التشبيه الذي هو أصل الاستعارة المصدر؛ لتعيُّنه وكون الذات المتصفة به مبهمة.
فقولك: "ناطقة" معناه ذاتٌ متصفة بالنطق، فالنطق معين، والذات مبهمة، فالمقصود الأهم هو المعين لا المبهم، فلو كان المقصود عندهم بالتشبيه والاستعارة الذوات المتصفة بالمصادر

الصفحة 231