كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

ترتب عداوته وحزنه لهم على التقاطه، وبين ترتب انتفاعهم وقرة أعينهم به على الالتقاط.
فالمشبه ترتب العداوة والحزن على الالتقاط، والمشبه به ترتب الانتفاع وقرة العين على الالتقاط، والجامع مطلق الترتب في كل
منهما، ثم استعير ترتب الانتفاع وقرة العين الذي هو المشبه به على الالتقاط لترتب العداوة والحزن الذي هو المشبه على الالتقاط، واستعمل المشبه به الذي هو ترتب الانتفاع والمحبة على الالتقاط في المشبه الذي هو ترتب العداوة والحزن عليه بدليل لام التعليل، ثم استعمل في المشبة الذي هو ترتب العداوة والحزن على الالتقاط اللام الموضوعة للمشبه به الذي هو العلة الغائية أعني المحبة والانتفاع.
فجرت الاستعارة أولًا في الترتب المقصود لآل فرعون لترتب آخر حاصل بالفعل غير المقصود لهم، والعلاقة مطلق الترتب في الأمرين، ثم جرت في اللام بالتبع لذلك الترتب، وقد استفيد الأمران المذكوران من اللام، فهي في المثال المذكور موضوعة لترتب العلة الغائية على معلولها كترتب المحبة والانتفاع على الالتقاط، ولكنها مستعملة في غير ما وضعت له وهو ترتب العداوة والحزن على الالتقاط، لأن العداوة والحزن ليس علة التقاطهم له، بل العلة نقيض ذلك.
فهذه اللام الموضوعة لترتب العلة الغائية على معلولها المستعملة في ترتب آخر غير ذلك بمثابة الأسد الموضوع للحيوان المفترس المستعمل في الرجل الشجاع على سبيل الاستعارة المصرحة في كل منها، إلا أنها في الأسد أصلية لأنه اسم جنس جامد، وفي اللام تبعية

الصفحة 234