كتاب رحلة الحج إلى بيت الله الحرام

والزرد يشتركان في كل واحد منهما ضم بعض أجزاء الشيء إلى بعضها، إلا أن الخياطة ضم مخصوص غير ضم الزرد، وكذلك الزرد ضم مخصوص غير ضم الخياطة، فاجتمعا في الضم، وانفرد كل منهما بخصوصية. وقس على هذا كل جامع داخل في مفهوم الطرفين.
تنبيه: اعلم أن قولهم: "إن الجامع يكون داخلًا في مفهوم الطرفين" يرد عليه إشكال منطقي؛ لأن الجامع لابد أن يكون أقوى في المستعار منه من الجامع في المستعار له، فالجامع أبدًا من المشككات، والمشكك في الاصطلاح هو الكلي الذي لم يتساو مدلوله في أفراده، بل اختلف فيها بالقوة والضعف مثلًا، كالنور فهو في الشمس أقوى منه في السراج، وكالبياض فهو في الثلج أقوى منه في العاج.
فإذا حققت أن الجامع لابد أن يكون مشككًا، لأنه لابد أن يكون أقوى في المستعار منه في المستعار له، فاعلم أن جزء الماهية الداخل في مفهومها قد تقرر عند أهل المنطق أنه لا يكون مشككًا أبدًا، بل لا يكون إلا متواطئًا، والمتواطئ في الاصطلاح هو الكلي الذي استوى مدلوله في أفراده.
فإذا عرفت بهذا أن الجامع لا يكون إلا مشككًا، وأن جزء الماهية الداخل في مفهومها لا يكون مشككًا، ظهر لك وجه الإشكال من جعلهم هذا المشكك داخلًا في مفهوم الماهية.
وأجاب بعض المحققين عن هذا الإشكال بما حاصله: أن عدم التفاوت إنما تقرر في الماهيات الحقيقية المركبة من الأجناس،

الصفحة 248